الْحَـمْـدُ لِلَّـهِ، وَالصَّـــلَاةُ وَالسَّـــلَامُ عَلَـى رَسُولِ اللَّـهِ وَعَلَى آلِـهِ وَصَحْبِـهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّـا بَعْـدُ: فَتُعَدُّ دَوْلَةُ لِيبْيَا مِنْ بَيْنِ الْبِلَادِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي لَمْ يَنْقَطِـعْ عَنْهَـا التَّعْلِيـمُ الدِّينِـيُّ مُنْـذُ الْفَـتْـحِ الْإِسْـــلَامِـيِّ؛ فَطَـرَابُـلُـسُ -مَثَـلاً- كَانـَتْ مَعرُوفَـةً بِالْعِلْـمِ وَالْعُلَمَـاءِ الْأُصَلَاءِ، وَالطَّارِئِينَ عَلَيْهَا مِنَ الْمَدِينَةِ وَمِصْرَ، بِشَهَادَةِ سُحْنُونَ، كَمَا رَوَاهَا عَنْـهُ وَلَـدُهُ مُحَمَّـدٌ؛ فَقَـالَ: «قَـالَ أَبِي: إِذَا أَرَدْتَ الْحَـجَّ فَـاقْــدُمْ طَـرَابُـلُـسَ، وَكَانَ فِيهَا رِجَالٌ مَدَنِيُّونَ».
وَلِيـبْـيَـا الْيَـوْمَ بِحَاجَـةٍ أَكْـثَـرَ مِنْ أَيِّ وَقْـتٍ مَضَى إِلَى وَضْعِ خَارِطَةِ طَرِيقٍ لِإِحْيَاءِ دُورِ الْعِلْمِ فِي تَرْبِيَةِ النَّشْءِ، وَفْقَ مَنْهَجٍ شَرْعِيٍّ تَرْبَوِيٍّ، يَسْتَنِدُ إِلَى أُسُسٍ مَتِينَةٍ، مُسْتَوْحَاةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ.
إِذْ بِدُورِ الْعِلْـمِ الشَّرْعِـيِّ نُحَافِـظُ عَلَى النَّشْءِ، وَنُوَاجِهُ كُلَّ مَا هُوَ دَخِيلٌ يُخَالِفُ عَقِيدَةَ الْمُسْلِمِ، وَنُوجِدُ بِيئَـةً عِلْمِيَّـةً رَصِينَـةً يَتَرَعْرَعُ فِيهَا طُلَّابُنَا وَطَالِبَاتُنَا؛ فَطَالِبُ الْعِلْمِ يَعِيشُ بَيْنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَعُلُومِهِمَا؛ فَهُمَا كَالجَنَاحَيْنِ لِلطَّائِـرِ.
فَلَا بُدَّ لِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَهْتَمَّ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَبِالسُّنَّـةِ يَقُومُ مَنْهَجُهُ الْقَوِيمُ.
أَهَمِّيَّةُ حِفْظِ الْمُتُونِ:
قَدْ بَيَّنَ الْعُلَمَاءُ سَلَفاً وَخَلَفاً أَهَمِّيَّـةَ الحِفْظِ لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَقَـدِ اشْتَـهَـرَتْ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ كَثِيــرَةٌ؛ مِنْهَــا: «مَنْ حَفِـظَ المُتُـونَ حَـازَ الفُنُونَ»، وَ«مَنْ حَفِظَ الْأُصُولَ ضَمِنَ الوُصُولَ». وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتُـونَ -سَوَاءٌ كَـانَتْ مَنْظُومَـةً أَوْ مَنْثُورَةً- تَجْمَعُ حَقَائِقَ الْعِلْمِ فِي وَرَقَاتٍ يَسِيرَةٍ؛ يَسْهُلُ حِفْظُهَا وَاسْتِحْضَارُهَا، فَهِيَ قَاعِـدَةٌ يَـنْـطَـلِـقُ مِنْـهَا الطَّالِـبُ لِفَهْـمِ الْعِلْـمِ وَضَبْطِ مَسَائِـلِـهِ. وَمِنْ هُنَـا انْطَلَـقَ مَشْـرُوعُ «حُفَّـاظِ السُّنَّـةِ لِتَعْلِيمِ الْمُتُونِ الْعِلْمِيَّــةِ».
نُـبْـذَةٌ مُخْتَصَرَةٌ عَنْ بَرْنَـامَجِ حُفَّـاظِ السُّــنَّةِ لِتَعْلِيمِ المُتُونِ العِلْمِيَّةِ عَنْ بُعْدٍ:
انْطَلَقَ $مَشْرُوعُ حُفَّاظِ السُّنَّةِ# فِي: 18 رَبِيعٍ الآخِرِ 1442 هـ، الْمُوَافِقِ 13/12/2020، بَعْدَ وَضْعِ خُطَّةٍ مُتَدَرِّجَةٍ وَاضِحَةِ الْمَعَالِمِ؛ تَشْمَـلُ: (التَّلْقِيـنَ، والْعَـرْضَ، والتَّصْحِيـحَ وَالْمُرَاجَـعَـةَ، ثُـمَّ الاِخْـتِبَارَ الْمَـرْحَلِـيَّ، ثُـمَّ الاِخْتِبَارَ النِّصْفِيَّ، ثُمَّ الاِخْتِبَارَ النِّهَائِيَّ)؛ الَّذِي يُحَدَّدُ مُسْبَقاً.
فَهُوَ بَرْنَامَجٌ لِتَعْلِيمِ وَتَحْفِيظِ الْمُتُونِ الشَّرْعِيَّةِ عَنْ بُعْدٍ بِاسْتِخْـدَامِ التِّقْنِيَّـةِ الْحَدِيثَـةِ؛ حَيْـثُ يَتِمُّ التَّوَاصُلُ مَعَ الشَّيْخِ الْمُحَفِّظِ الَّذِي يُتَابِـعُ الْحِفْظَ وَالْمُرَاجَعَةَ عَبْرَ الْغُرْفَةِ الصَّوْتِيَّـةِ.
وَقَدْ أَصْبَحَ مَا كُنَّا نُؤَمِّلُهُ حَقِيقَةً؛ بِفَضْلِ اللهِ وَتَوْفِيقِهِ أَوَّلاً، ثُمَّ بِتَكَاتُفِ الْجُهُودِ ثَانِياً.
رِسَالَتُنَا:
* تَعْلِيمُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَنَشْرُهُ عَبْرَ التِّقْنِيَّـةِ الْحَدِيثَةِ.
* عِلْمٌ يُغْرَسُ وَطَالِبٌ يُكْرَمُ.
* تَأْكِيدُ دَوْرِ الهَيْئَةِ الْعَامَّةِ لِلْأَوْقَافِ فِي الاِهْتِمَامِ بِالشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّـةِ.
أَهْدَافُنَا:
* خِدْمَةُ دِينِ الْإِسْلَامِ.
* تَسْهِيلُ حِفْظِ السُّنَّـةِ النَّـبَوِيَّةِ.
* إِبْـرَازُ دَوْرِ الْمُـتُـونِ الشَّرْعِيَّـةِ فِي فَـهْـمِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَالسُّنَّـةِ النَّـبَوِيَّــةِ.
* اسْتِثْمَـارُ سِنِـيِّ الْحِفْظِ الذَّهَبِيَّـةِ؛ فَالْحِفْظُ فِي الصِّغَرِ كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ( ).
* الاِحْتِفَاءُ بِحَفَظَةِ الْمُتُونِ الْعِلْمِيَّةِ وَتَكْرِيمُهُمْ.
مَا يُمَيِّزُنَا:
* أَوَّلُ بَرْنَامَجٍ – فِي تَحْفِيظِ الْمُتُونِ وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ عَبْرَ التِّقْنِيَّةِ الْحَدِيثَةِ- مُعْتَمَدٍ فِي لِيبْيَا.
* اخْتِبَـارَاتٌ مَرْحَلِيَّــةٌ وَنِصْفِيَّـةـٌ وَنِهَائِيَّــةٌ.
* جَوَائِـزُ لِلْمُتَـفَـوِّقِيـنَ.
مُسْتَوَيَاتُ بَرْنَامَجِ حُفَّاظِ السُّنَّةِ:
إِنَّ أَخْذَ الْعِلْمِ شَيْئاً فَشَيْئاً وَمُرَاعَاةَ التَّدَرُّجِ سُنَّةٌ كَوْنِيَّةٌ وَمَنْهَجِيَّةٌ قُرْآنِيَّةٌ؛ اسْتِدْلَالاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا ﴾ [الإسراء:106].
وَيَكُونُ التَّدَرُّجُ وَفْقَ بَرْنَامَجٍ عِلْمِيٍّ وَعَمَلِيٍّ، فَلَا بُدَّ لِلطَّالِبِ مِنَ التَّدَرُّجِ؛ فَيَبْتَدِئُ بِصِغَارِ الْعِلْمِ ضَبْطاً وَحِفْظاً، ثُمَّ يَنْتَقِلُ مِنْ مَرْحَـلَـةٍ إِلَى أُخْـرَى بِتَـأَنٍّ وَصَبْرٍ؛ إِذْ هُمَـا مِفْتَاحَـا الْوُصُــولِ.
وَلْيَحْذَرْ طَالِبُ الْعِلْمِ مِنْ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمُطَوَّلَاتِ؛ فَيَصْعُـبَ عَلَيْـهِ الْعِلْـمُ وَيَمَلَّــهُ، وَيَتَشَتَّــتَ ذِهْنُــهُ، ويَـتَشَوَّشَ فَهْمُــهُ.
وَاللَّـهَ نَسْأَلُ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِلإِخْلَاصِ وَالْقَبُولِ، وَأَنْ يُيَسِّرَ لَنَا نَشْرَ الْعِلْمِ النَّافِعِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الْعَامِلِينَ بِهِ؛ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ.
وَصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى نَبِيِّـنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.
اللَّجْنَةُ الْمُشْرِفَةُ عَلَى مَشْرُوعِ حُفَّاظِ السُّنَّةِ
sunnah772@gmail.com