حياكم الله في
موقع مشروع حفاظ السنة
لِلْحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ ابنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ
المُتَوَفَّى سَنَةَ ( 852 هـ ) $
الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَالِماً قَدِيراً، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَى النَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
أَمَّـا بَعْـدُ:
فَـإِنَّ التَّـصَـانِـيــــفَ فِـي اصْـــطِــــلَاحِ أَهْـلِ الحَدِيثِ قَدْ كَثُـرَتْ وَبُسِطَـتْ وَاخْتُـصِرَتْ، فَسَأَلَنِي بَعْضُ الإِخْوَانِ أَنْ أُلَخِّصَ لَهُ المُهِمَّ مِنْ ذَلِكَ، فَأَجَبْتُهُ إِلَى سُؤَالِهِ؛ رَجَاءَ الِانْدِرَاجِ فِي تِلْكَ المَسَالِكِ.
فَأَقُولُ:
الخَبَـرُ: إِمَّا أَنْ يَـكُونَ لَهُ طُـرُقٌ بِلَا عَـدَدٍ مُعَـيَّـنٍ، أَوْ مَعَ حَصْـرٍ بِمَـا فَـوْقَ الِاثْنَـيْـنِ، أَوْ بِهِمَا، أَوْ بِوَاحِدٍ:
فَالأَوَّلُ: المُتَـوَاتِـرُ، المُفِيـدُ لِلْعِلْـمِ اليَـقِـيـنِـيِّ بِشُـرُوطِــهِ.
وَالثَّانِـي: المَشْهُـورُ، وَهُوَ المُسْتَـفِيضُ -عَلَى رَأْيٍ-.
وَالثَّالِثُ: العَزِيزُ، وَلَيْسَ شَرْطاً لِلصَّحِيحِ -خِلَافاً لِمَنْ زَعَمَهُ-.
وَالرَّابِـعُ: الغَرِيبُ.
وَكُلُّهَا -سِوَى الأَوَّلِ- آحَادٌ.
وَفِيهَا المَقْبُولُ وَالمَرْدُودُ؛ لِتَوَقُّفِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى البَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ رُوَاتِهَا -دُونَ الأَوَّلِ-، وَقَدْ يَـقَعُ فِيهَا مَا يُـفِيدُ العِلْمَ النَّظَرِيَّ بِالقَرَائِنِ -عَلَى المُخْتَارِ-.
ثُمَّ الغَـرَابَـةُ: إِمَّـا أَنْ تَـكُـونَ فِـي أَصْـلِ السَّنَـدِ، أَوْ لَا.
فَالأَوَّلُ: الفَـرْدُ المُطْـلَـقُ.
وَالثَّانِـي: الفَـرْدُ النِّسْبِـيُّ، وَيَـقِـلُّ إِطْـــلَاقُ الفَرْدِيَّــةِ عَلَـيْـهِ.
وَخَبَـرُ الآحَـادِ بِنَقْلِ عَدْلٍ تَامِّ الضَّبْطِ، مُتَّصِلَ السَّنَـدِ، غَيْرَ مُعَلَّلٍ وَلَا شَاذٍّ: هُوَ الصَّحِيحُ لِذَاتِـهِ.
وَتَتَـفَاوَتُ رُتَـبُـهُ بِتَفَاوُتِ هَذِهِ الأَوْصَافِ، وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ صَحِيحُ البُخَارِيِّ، ثُمَّ مُسْلِمٌ، ثُمَّ شَرْطُهُمَا.
فَإِنْ خَفَّ الضَّبْطُ: فَالحَسَنُ لِذَاتِهِ، وَبِكَـثْـرَةِ طُـرُقِـهِ يُـصَحَّحُ.
فَـإِنْ جُمِعَـا فَلِلتَّـرَدُّدِ فِي النَّاقِـلِ حَيْـثُ التَّـفَـرُّدُ، وَإِلَّا فَبِاعْتِبَـارِ إِسْنَـادَيْنِ.
وَزِيَادَةُ رَاوِيهِمَـا مَقْبُولَةٌ مَا لَمْ تَقَعْ مُنَافِيَـةً لِمَنْ هُوَ أَوْثَـقُ.
فَـإِنْ خُـولِـفَ بِـأَرْجَـحَ: فَالـرَّاجِـحُ المَحْـفُـوظُ؛ وَمُـقَــابِـلُــهُ: الشَّــاذُّ.
وَمَعَ الضَّعْفِ: الرَّاجِحُ المَعْرُوفُ؛ وَمُقَابِلُـهُ: المُنْـكَـرُ.
وَالفَرْدُ النِّسْبِـيُّ: إِنْ وَافَقَـهُ غَيْـرُهُ: فَهُـوَ المُتَابِـعُ.
وَإِنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُشْبِهُهُ: فَهُوَ الشَّاهِدُ.
وَتَتَـبُّـعُ الطُّـرُقِ لِذَلِكَ: هُوَ الِاعْتِـبَـارُ.
ثُمَّ المَقْبُـولُ: إِنْ سَلِـمَ مِنَ المُعَـارَضَـةِ: فَهُوَ المُحْكَمُ.
وَإِنْ عُورِضَ بِمِثْلِهِ: فَإِنْ أَمْكَنَ الجَمْعُ: فَهُوَ مُخْتَلِفُ الحَدِيثِ.
أَوْ ثَـبَتَ المُتَـأَخِّـرُ: فَهُوَ النَّاسِخُ، وَالآخَـرُ المَنْـسُوخُ، وَإِلَّا فَالتَّرْجِيحُ، ثُمَّ التَّـوَقُّفُ.
ثُمَّ المَرْدُودُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِسَقْطٍ أَوْ طَعْنٍ.
فَالسَّقْطُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ مَبَادِئِ السَّنَدِ مِنْ مُصَنِّـفٍ، أَوْ مِنْ آخِـرِهِ بَعْدَ التَّابِعِـيِّ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
فَالأَوَّلُ: المُعَلَّـقُ.
وَالثَّانِـي: المُرْسَلُ.
وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ بِاثْنَـيْنِ فَصَاعِـداً مَـعَ التَّوَالِي: فَهُوَ المُعْضَلُ، وَإِلَّا فَالمُنْقَطِـعُ.
ثُمَّ قَدْ يَكُونُ وَاضِحاً أَوْ خَفِيّـاً:
فَالأَوَّلُ: يُدْرَكُ بِعَـدَمِ التَّـــلَاقِـي، وَمِنْ ثَـمَّ احْتِـيـجَ إِلَى التَّـارِيخِ.
وَالثَّانِي: المُدَلَّسُ، وَيَرِدُ بِصِيغَـةٍ تَحْتَمِلُ اللُّقِيَّ: كَـ «عَنْ»، وَ «قَالَ».
وَكَـذَا المُرْسَـلُ الخَفِـيُّ مِنْ مُعَـاصِـرٍ لَـمْ يَـلْـقَ.
ثُمَّ الطَّعْنُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِكَذِبِ الرَّاوِي، أَوْ تُهَمَتِهِ بِذَلِكَ، أَوْ فُحْشِ غَلَطِهِ، أَوْ غَفْلَتِـهِ، أَوْ فِسْقِهِ، أَوْ وَهْمِهِ، أَوْ مُخَالَفَتِهِ، أَوْ جَهَالَتِهِ، أَوْ بِدْعَتِهِ، أَوْ سُوءِ حِفْظِهِ.
فَالأَوَّلُ: المَوْضُوعُ.
وَالثَّانِـي: المَتْـرُوكُ.
وَالثَّالِثُ: المُنْكَـرُ -عَلَى رَأْيٍ-.
وَكَذَا الرَّابِـعُ وَالخَامِسُ.
ثُمَّ الوَهْمُ: إِنِ اطُّلِعَ عَلَيْهِ بِالقَرَائِنِ، وَجَمْعِ الطُّـرُقِ: فَالمُعَلَّلُ.
ثُمَّ المُخَـالَفَـةُ: إِنْ كَانَتْ بِتَغْيِيرِ السِّيَـاقِ: فَمُدْرَجُ الإِسْنَادِ.
أَوْ بِدَمْجِ مَوْقُوفٍ بِمَرْفُوعٍ: فَمُدْرَجُ المَتْنِ.
أَوْ بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ: فَالمَقْلُوبُ.
أَوْ بِزِيَادَةِ رَاوٍ: فَالمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الأَسَانِيدِ.
أَوْ بِإِبْدَالِهِ وَلَا مُرَجِّحَ: فَالمُضْطَرِبُ، وَقَدْ يَقَعُ الإِبْدَالُ عَمْداً امْتِحَاناً.
أَوْ بِتَغْيِيرِ حُرُوفٍ مَعَ بَقَاءِ السِّيَاقِ: فَالمُصَحَّفُ وَالمُحَرَّفُ.
وَلَا يَجُـوزُ تَعَمُّـدُ تَغْيِيـرِ المَتْـنِ بِالنَّـقْـصِ وَالمُرَادِفِ، إِلَّا لِعَالِمٍ بِمَا يُحِيلُ المَعَانِيَ.
فَإِنْ خَفِـيَ المَعْـنَى: احْتِيـجَ إِلَى شَـرْحِ الغَرِيبِ، وَبَيَـانِ المُشْكِـلِ.
ثُمَّ الجَهَالَةُ: وَسَبَبُهَا: أَنَّ الرَّاوِيَ قَدْ تَـكْثُرُ نُعُوتُهُ فَيُذْكَـرُ بِغَيْـرِ مَـا اشْتُهِـرَ بِهِ لِغَـرَضٍ، وَصَنَّـفُوا فِيهِ المُوضِحَ.
وَقَدْ يَكُونُ مُقِـــلّاً فَلَا يَكْثُـرُ الأَخْـذُ عَنْهُ، وَصَنَّـفُوا فِـيهِ الوُحْدَانَ.
أَوْ لَا يُسَمَّى اخْتِصَاراً، وَفِيهِ المُبْهَمَاتُ، وَلَا يُقْبَلُ المُبْهَمُ وَلَوْ أُبْهِمَ بِلَفْظِ التَّعْدِيلِ -عَلَى الأَصَحِّ-.
فَإِنْ سُمِّيَ وَانْفَـرَدَ وَاحِـدٌ عَنْـهُ: فَمَجْهُولُ العَيْنِ.
أَوِ اثْنَـانِ فَصَاعِـداً، وَلَمْ يُوَثَّـقْ: فَمَجْهُولُ الحَالِ، وَهُوَ المَسْتُورُ.
ثُمَّ البِدْعَةُ: إِمَّا بِمُكَفِّرٍ، أَوْ بِمُفَسِّقٍ.
فَالأَوَّلُ: لَا يَـقْبَلُ صَاحِبَهَا الجُمْهُورُ.
وَالثَّانِي: يُقْبَلُ مَنْ لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً -فِي الأَصَحِّ-، إِلَّا إِنْ رَوَى مَا يُقَوِّي بِدْعَتَـهُ فَـيُـرَدُّ -عَلَى المُخْتَـارِ-، وَبِـهِ صَـرَّحَ الجُوزَجَـانِـيُّ -شَيْـخُ النَّسَائِـيِّ-.
ثُمَّ سُوءُ الحِفْظِ: إِنْ كَانَ لَازِماً فَالشَّاذُّ -عَلَى رَأْيٍ-، أَوْ طَارِئاً فَالمُخْتَلِطُ.
وَمَتَى تُوبِـعَ السَّـيِّـئُ الحِفْـظِ بِمُعْـتَـبَـرٍ -وَكَذَا المَسْتُورُ، وَالمُرْسَلُ، وَالمُدَلَّسُ-: صَارَ حَدِيثُـهُمْ حَسَناً؛ لَا لِذَاتِـهِ، بَـلْ بِالمَجْمُوعِ.
ثُمَّ الإِسْنَـادُ: إِمَّـا أَنْ يَـنْـتَـهِـيَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ تَصْرِيحاً، أَوْ حُكْماً: مِنْ قَوْلِـهِ، أَوْ فِعْلِـهِ، أَوْ تَقْرِيـرِهِ.
أَوْ إِلَى الصَّحَابِيِّ كَذَلِكَ، وَهُوَ: مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ ﷺ مُؤْمِناً بِهِ وَمَاتَ عَلَى الإِسْلَامِ -وَلَوْ تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ فِي الأَصَحِّ-.
أَوْ إِلَى التَّابِعِيِّ، وَهُوَ: مَنْ لَقِيَ الصَّحَابِيَّ كَذَلِكَ.
فَالأَوَّلُ: المَرْفُوعُ. وَالثَّانِي: المَوْقُوفُ.
وَالثَّالِثُ: المَقْطُوعُ -وَمَنْ دُونَ التَّابِعِيِّ فِيهِ: مِثْلُهُ-.
وَيُقَالُ لِلْأَخِيرَيْنِ: الأَثَــــرُ.
وَالمُسْنَدُ: مَرْفُوعُ صَحَابِيٍّ بِسَنَدٍ ظَاهِرُهُ الِاتِّصَالُ.
فَإِنْ قَـلَّ عَـدَدُهُ: فَإِمَّا أَنْ يَـنْـتَهِيَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، أَوْ إِلَى إِمَـامٍ ذِي صِفَـةٍ عَلِيَّــةٍ كَـ «شُعْبَـةَ».
فَالأَوَّلُ: العُلُوُّ المُطْلَـقُ.
وَالثَّانِي: العُلُوُّ النِّسْبِيُّ.
وَفِيهِ المُوَافَقَةُ؛ وَهِيَ: الوُصُولُ إِلَى شَيْخِ أَحَدِ المُصَنِّـفِينَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ.
وَالبَدَلُ؛ وَهُوَ: الوُصُولُ إِلَى شَيْخِ شَيْخِهِ كَذَلِكَ.
وَالمُسَاوَاةُ؛ وَهِيَ: اسْتِوَاءُ عَدَدِ الإِسْنَادِ مِنَ الرَّاوِي إِلَى آخِرِهِ، مَعَ إِسْنَادِ أَحَدِ المُصَنِّفِينَ.
وَالمُصَافَحَةُ؛ وَهِيَ: الِاسْتِوَاءُ مَعَ تِلْمِيذِ ذَلِكَ المُصَنِّفِ.
وَيُقَابِلُ العُلُوَّ بِأَقْسَامِهِ: النُّـزُولُ.
فَإِنْ تَشَارَكَ الرَّاوِي وَمَنْ رَوَى عَنْهُ فِي السِّنِّ وَاللُّقِيِّ فَهُوَ: الأَقْـرَانُ.
وَإِنْ رَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الآخَرِ: فَالمُدَبَّـجُ.
وَإِنْ رَوَى عَمَّنْ دُونَهُ: فَالأَكَابِرُ عَنِ الأَصَاغِرِ، وَمِنْهُ: الآبَاءُ عَنِ الأَبْنَاءِ؛ وَفِي عَكْسِهِ كَثْرَةٌ، وَمِنْهُ: مَنْ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
وَإِنِ اشْتَـرَكَ اثْنَانِ عَنْ شَيْخٍ، وَتَقَدَّمَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا؛ فَهُوَ: السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ.
وَإِنْ رَوَى عَنِ اثْنَيْنِ مُتَّفِقَيْ الِاسْمِ، وَلَمْ يَـتَـمَـيَّـزَا: فَبِاخْتِـصَـاصِـهِ بِأَحَـدِهِـمَـا يَـتَـبَـيَّـنُ المُهْمَلُ.
وَإِنْ جَحَـدَ الشَّيْخُ مَرْوِيَّـهُ جَزْماً: رُدَّ، أَوِ احْتِمَالاً: قُبِلَ -فِي الأَصَحِّ-، وَفِيهِ: مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ.
وَإِنِ اتَّفَقَ الرُّوَاةُ فِي صِيَغِ الأَدَاءِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الحَالَاتِ؛ فَهُوَ المُسَلْسَلُ.
وَصِيَـغُ الأَدَاءِ: «سَمِعْـتُ» وَ «حَدَّثَنِـي»، ثُمَّ «أَخْبَـرَنِـي»، وَ «قَرَأْتُ عَلَيْـهِ»، ثُمَّ «قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ»، ثُمَّ «أَنْبَأَنِي»، ثُمَّ «نَاوَلَنِـي»، ثُمَّ «شَافَهَنِـي»، ثُمَّ «كَتَبَ إِلَيَّ»، ثُمَّ «عَنْ» وَنَحْوُهَا.
فَالأَوَّلَانِ: لِمَنْ سَمِعَ وَحْدَهُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ، فَإِنْ جُمِعَ فَمَعَ غَيْرِهِ.
وَأَوَّلُـهَا: أَصْرَحُهَا وَأَرْفَعُهَا فِي الإِمْلَاءِ.
وَالثَّالِثُ، وَالرَّابِـعُ: لِمَنْ قَرَأَ بِنَـفْسِهِ.
فَإِنْ جُمِعَ: فَهُوَ كَالخَامِسِ.
وَالإِنْبَاءُ: بِمَعْنَى الإِخْبَارِ، إِلَّا فِي عُرْفِ المُتَأَخِّرِينَ؛ فَهُوَ لِلْإِجَازَةِ كَـ «عَنْ».
وَعَنْعَـنَـةُ المُعَاصِرِ مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّمَاعِ إِلَّا مِنَ المُدَلِّـسِ، وَقِيلَ: يُشْتَـرَطُ ثُـبُـوتُ لِقَائِهِمَا وَلَوْ مَـرَّةً -وَهُوَ المُخْتَـارُ-.
وَأَطْلَقُوا المُشَافَهَةَ فِي الإِجَازَةِ المُتَلَفَّظِ بِهَا، وَالمُكَاتَـبَـةَ فِي الإِجَازَةِ المَكْتُوبِ بِهَا.
وَاشْتَـرَطُوا فِي صِحَّـةِ المُنَاوَلَـةِ: اقْتِرَانَهَا بِالإِذْنِ بِالرِّوَايَةِ -وَهِيَ أَرْفَعُ أَنْوَاعِ الإِجَازَةِ-.
وَكَذَا اشْتَرَطُوا: الإِذْنَ فِي الوِجَادَةِ، وَالوَصِيَّةِ بِالكِتَابِ، وَالإِعْلَامِ، وَإلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ -كَالإِجَـازَةِ العَـامَّــةِ، وَلِلْمَجْـهُـولِ وَالمَعْدُومِ- عَلَى الأَصَحِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.
ثُمَّ الرُّوَاةُ إِنِ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ، وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ فَصَاعِداً، وَاخْتَلَفَتْ أَشْخَاصُهُمْ: فَهُوَ المُتَّفِقُ وَالمُفْتَرِقُ.
وَإِنِ اتَّفَقَتِ الأَسْمَاءُ خَطّاً، وَاخْتَلَفَتْ نُطْقاً: فَهُوَ المُؤْتَلِفُ وَالمُخْتَلِفُ.
وَإِنِ اتَّفَقَتِ الأَسْمَاءُ وَاخْتَلَفَتِ الآبَاءُ، أَوْ بِالعَكْسِ: فَهُوَ المُتَشَابِهُ، وَكَذَا إِنْ وَقَعَ ذَلِكَ الِاتِّفَاقُ فِي الِاسْمِ وَاسْمِ الأَبِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي النِّسْبَـةِ.
وَيَـتَـرَكَّبُ مِنْـهُ وَمِمَّا قَبْلَـهُ أَنْوَاعٌ؛ مِنْـهَـا: أَنْ يَحْصُلَ الِاتِّفَاقُ أَوْ الِاشْتِبَاهُ، إِلَّا فِي حَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْنِ، أَوْ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
خَـــاتِـمَــةٌ
وَمِـنَ المُهِـمِّ: مَعْرِفَـةُ طَـبَـقَـاتِ الـرُّوَاةِ وَمَوَالِيدِهِمْ، وَوَفَيَاتِهِمْ، وَبُلْدَانِهِمْ، وَأَحْوَالِهِمْ -تَعْدِيلاً، وَتَجْرِيحاً، وَجَهَالَـةً-.
وَمَرَاتِـبِ الجَـرْحِ: وَأَسْوَأُهَـا: الوَصْـفُ بِأَفْعَـلَ؛ كَـ «أَكْـذَبِ النَّـاسِ»، ثُمَّ «دَجَّـالٌ»، أَوْ «وَضَّــاعٌ»، أَوْ «كَــذَّابٌ».
وَأَسْهَلُـهَا: «لَـيِّـنٌ»، أَوْ «سَيِّـئُ الحِفْـظِ»، أَوْ «فِيـهِ أَدْنَى مَقَـالٍ».
وَمَرَاتِبِ التَّعْدِيلِ: وَأَرْفَعُهَا: الوَصْفُ بِأَفْعَـلَ؛ كَـ «أَوْثَقِ النَّاسِ».
ثُمَّ مَا تَأَكَّـدَ بِصِفَـةٍ أَوْ صِفَـتَـيْـنِ كَـ «ثِـقَـةٍ ثِقَــةٍ»، أَوْ «ثِقَــةٍ حَافِــظٍ».
وَأَدْنَاهَـا: مَا أَشْعَـرَ بِالقُـرْبِ مِنْ أَسْهَـلِ التَّجْرِيـحِ؛ كَـ «شَيْـخٍ».
وَتُقْبَـلُ التَّزْكِيَـةُ مِنْ عَــارِفٍ بِأَسْبَـابِـهَـا، وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ -عَلَى الأَصَحِّ-.
وَالجَـرْحُ مُقَـدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيـلِ إِنْ صَدَرَ مُبَيَّناً مِنْ عَارِفٍ بِأَسْبَابِهِ، فَإِنْ خَلَا عَنْ تَعْدِيلٍ قُبِلَ مُجْمَلاً -عَلَى المُخْتَارِ-.
وَمَعْرِفَةُ كُنَى المُسَمَّيْنَ، وَأَسْمَاءِ المُكَنَّيْنَ.
وَمَنِ اسْمُهُ كُنْيَـتُهُ.
وَمَنْ كَثُرَتْ كُنَاهُ أَوْ نُعُوتُهُ.
وَمَنْ وَافَقَتْ كُنْيَتُهُ اسْمَ أَبِيهِ، أَوْ بِالعَكْسِ، أَوْ كُنْيَـتُهُ كُنْـيَـةَ زَوْجَتِـهِ.
وَمَنْ نُسِبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ إِلَى غَيْرِ مَا يَسْبِقُ إِلَى الفَهْمِ.
وَمَنِ اتَّـفَقَ اسْمُـهُ وَاسْـمُ أَبِيـهِ وَجَـدِّهِ، أَوْ وَاسْمُ شَيْخِـهِ وَشَيْخِ شَيْخِهِ فَصَاعِـداً.
وَمَنِ اتَّفَقَ اسْمُ شَيْخِهِ وَالرَّاوِي عَنْهُ.
وَمَعْرِفَـةُ الأَسْمَاءِ المُجَرَّدَةِ وَالمُفْرَدَةِ. وَكَذَا الكُنَى، وَالأَلْقَابُ، وَالأَنْسَابُ.
وَتَقَعُ إِلَى القَبَائِلِ، وَالأَوْطَانِ -بِلَاداً، أَوْ ضِيَاعاً وَسِكَكاً، وَمُجَاوَرَةً-.
وَإِلَى الصَّنَائِـعِ وَالحِرَفِ.
وَيَقَعُ فِيهَا الِاتِّفَاقُ وَالِاشْتِبَاهُ كَالأَسْمَاءِ.
وَقَدْ تَقَعُ أَلْقَاباً.
وَمَعْرِفَةُ أَسْبَابِ ذَلِكَ.
وَمَعْرِفَةُ المَوَالِي مِنْ أَعْلَى، وَمِنْ أَسْفَلَ، بِالرِّقِّ، أَوْ بِالحِلْفِ.
وَمَعْرِفَـةُ الإِخْـوَةِ وَالأَخَـوَاتِ.
وَمَعْرِفَـةُ آدَابِ الشَّيْخِ وَالطَّالِبِ.
وَسِنِّ التَّحَمُّلِ وَالأَدَاءِ.
وَصِفَةِ كِتَابَةِ الحَدِيثِ، وَعَرْضِهِ، وَسَمَاعِهِ، وَإِسْمَاعِهِ، وَالرِّحْلَةِ فِيهِ.
وَتَصْنِـيـفِـهِ عَلَى المَسَانِيـدِ، أَوِ الأَبْــوَابِ، أَوِ العِلَلِ، أَوِ الأَطْرَافِ.
وَمَعْرِفَةُ سَبَبِ الحَدِيثِ، وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ بَعْضُ شُيُوخِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى ابْنِ الفَرَّاءِ.
وَصَنَّـفُوا فِي غَالِبِ هَـذِهِ الأَنْوَاعِ.
وَهِـيَ نَـقْـلٌ مَحْـضٌ، ظَاهِـرَةُ التَّعْـرِيـفِ، مُسْتَغْنِيَةٌ عَنِ التَّمْثِيلِ؛ فَلْتُرَاجَعْ لَهَا مَبْسُوطَاتُهَا.
وَاللَّهُ المُوَفِّقُ وَالهَادِي، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.