حياكم الله في الموقع الرسمي لمشروع حفاظ السنة على الانترنت

لامية ابن الوردي

فِي الحِكَمِ وَالأَخْلَاقِ

لِعُمَرَ بنِ مُظَفَّرِ بنِ عُمَرَ بنِ الوَرْدِيِّ

المُتَوَفَّى سَنَةَ ( 749 هـ ) $

basmalah
اعْتَزِلْ ذِكْرَ الأَغَانِي وَالْغَزَلْ
وقُلِ الفَصْلَ وَجَـانِبْ مَنْ هَزَلْ
وَدَعِ الذِّكْرَى لِأَيَّامِ الصِّبَا
فَلِأَيَّامُ الصِّبَا نَجْمٌ أَفَلْ
إِنَّ أَحْلَى عِيشَةٍ قَضَّيْتَهَا
ذَهَبَتْ لَذَّاتُهَا وَالإِثْمُ حَلْ
وَاتْرُكِ الغَادَةَ لَا تَحْفَلْ بِهَا
تُمْسِ فِي عِزٍّ وَتُرْفَعْ وَتُجَلْ
وَالْهَ عَنْ آلَاتِ لَهْوٍ أَطْرَبَتْ
وَعَنِ الأَمْرَدِ مُرْتَجِّ الكَفَلْ
إِنْ تَـبَدَّى تَنْكَسِفْ شَمْسُ الضُّحَى
وَإِذَا مَا مَاسَ يُزْرِي بِالأَسَلْ
زَادَ إِنْ قِسْنَاهُ بِالبَدْرِ سَناً
أَوْ عَدَلْنَاهُ بِغُصْنٍ فَاعْتَدَلْ
وَافْتَـكِرْ فِي مُنْـتَـهَى حُسْنِ الَّذِي
أَنْتَ تَهْوَاهُ تَجِدْ أَمْراً جَلَلْ
وَاهْجُـرِ الخَمْـرَةَ إِنْ كُـنْتَ فَـتـىً
كَيْفَ يَسْعَى فِي جُنُونٍ مَنْ عَقَلْ
وَاتَّقِ اللهَ؛ فَتَقْوَى اللهِ مَا
جَاوَرَتْ قَلْبَ امْرِئٍ إِلَّا وَصَلْ
لَيْسَ مَنْ يَقْطَعُ طُرْقاً بَطَلَا
إِنَّمَا مَنْ يَتَّقِ اللهَ البَطَلْ
صَدِّقِ الشَّرْعَ وَلَا تَرْكَنْ إِلَى
رَجُـلٍ يَرْصُـدُ فِـي اللَّيْـلِ زُحَـلْ
حَارَتِ الأَفْكَارُ فِي قُدْرَةِ مَنْ
قَدْ هَدَانَا سُبْلَنَا عَزَّ وجَلْ
كَتَبَ المَوْتَ عَلَى الخَلْقِ فَكَمْ
فَلَّ مِنْ جَمْعٍ وَأَفْنَى مِنْ دُوَلْ
أَيْنَ نَمْرُودُ وَكَنْعَانُ وَمَنْ
مَلَكَ الأَرْضَ وَوَلَّى وَعَزَلْ
أَيْنَ عَـادٌ؟ أَيْنَ فِرْعَـونُ؟ وَمَـنْ
رَفَعَ الأَهْرَامَ مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ
أَيْنَ مَنْ سَادُوا وَشَادُوا وَبَنَوْا؟
هَلَكَ الكُلُّ وَلَمْ تُغْنِ القُلَلْ
أَيْنَ أَرْبَابُ الحِجَا أَهْلُ النُّهَى؟
أَيْنَ أَهْلُ العِلْمِ وَالقَوْمُ الأُوَلْ؟
سَـيُـعِـيـدُ اللـهُ كُـلّاً مِـنْـهُــمُ
وَسَيَجْـزِي فَاعِـلاً مَـا قَـدْ فَـعَـلْ
أَيْ بُنَيَّ اسْمَعْ وَصَايَا جَمَعَتْ
حِكَماً خُصَّـتْ بِهَا خَيْـرُ المِلَـلْ
اطْلُبِ العِلْـمَ وَلَا تَـكْـسَـلْ فَـمَا
أَبْعَـدَ الخَيْـرَ عَلَى أَهْـلِ الكَسَـلْ
وَاحْتَـفِلْ لِلْفِقْهِ فِـي الدِّيـنِ وَلَا
تَشْـتَـغِـلْ عَنْـهُ بِمَـالٍ وَخَــوَلْ
وَاهْـجُـرِ النَّـوْمَ وحَصِّلْـهُ فَمَـنْ
يَعْـرِفِ المَطْلُوبَ يَحْقِـرْ مَا بَذَلْ
لَا تَقُلْ قَدْ ذَهَبَتْ أَرْبَابُهُ
كُلُّ مَنْ سَارَ عَلَى الدَّرْبِ وَصَلْ
فِي ازْدِيادِ العِلْمِ إِرْغَامُ العِدَا
وَجَمَالُ العِلْـمِ إِصْــلَاحُ العَـمَـلْ
جَمِّـلِ المَنْطِـقَ بِالنَّحْـوِ فَمَـنْ
يُحْـرَمِ الإِعْرَابَ بِالنُّطْـقِ اخْـتَـبَـلْ
انْظِـمِ الشِّعْـرَ وَلَازِمْ مَذْهَـبِـي
فَاطِّرَاحُ الرِّفْدِ فِي الدُّنْيَا أَقَلْ
فَهْوَ عُنْوَانٌ عَلَى الفَضْلِ وَمَا
أَحْـسَنَ الشِّـعْــرَ إِذَا لَـمْ يُـبْـتَـذَلْ
مَاتَ أَهْلُ الفَضْلِ لَمْ يَبْقَ سِوَى
مُقْرِفٍ أَوْ مَنْ عَلَى الأَصْلِ اتَّكَلْ
أَنَـــا لَا أَخْـتَـارُ تَـقْـبِـيـلَ يَـدٍ
قَطْعُـهَـا أَجْـمَـلُ مِنْ تِلْكَ القُـبَـلْ
إِنْ جَزَتْنِي عَنْ مَدِيحِي صِرْتُ فِي
رِقِّهَا أَوْ لَا فَيَكْفِينِي الخَجَلْ
أَعْذَبُ الأَلْفَاظِ قَوْلِي لَكَ: خُـذْ
وَأَمَرُّ اللَّفْظِ نُطْقِي بِلَعَلْ
مُلْكُ كِسْرَى تُغْنِـي عَنْـهُ كِسْرَةٌ
وَعَنِ البَحْرِ اجْتِزَاءٌ بِالوَشَلْ
اعْتَـبِـرْ ﴿نَحْنُ قَسَمْنَـا بَيْـنَـهُمْ﴾
تَلْقَهُ حَقّاً وَبِالحَقِّ نَزَلْ
لَيْسَ مَا يَحْوِي الفَتَى مِنْ عَزْمِـهِ
لَا وَلَا مَا فَاتَ يَوْماً بِالكَسَلْ
اطْرَحِ الدُّنْيَا فَمِنْ عَادَاتِهَا
تُخْفِضُ العَالِي وَتُعْلِي مَنْ سَفَلْ
عِيـشَـةُ الزَّاهِـدِ فِـي تَحْصِيلِهَـا
عِيشَةُ الجَاهِدِ بَلْ هَذَا أَذَلْ
كَـمْ جَـهُـولٍ وَهُـوَ مُـثْـرٍ مُـكْـثِـرٌ
وَحَكِيمٍ مَاتَ مِنْهَا بِالعِلَلْ
كَمْ شُجَـاعٍ لَمْ يَنَـلْ مِنْهَا المُنَى
وَجَـبَـانٍ نَـالَ غَايَـاتِ الأَمَـلْ
فَاتْركِ الحِيلَةَ فِيهَا وَاتَّئِدْ
إِنَّمَا الحِيلَةُ فِي تَرْكِ الحِيَلْ
أَيُّ كَفٍّ لمْ تُفِدْ مِمَّا تُفِدْ
فَرَمَاهَا اللهُ مِنْهُ بِالشَّلَلْ
لَا تَقُلْ: أَصْلِي وَفَصْلِي أَبَداً
إِنَّمَا أَصْلُ الفَتَى مَا قَدْ حَصَلْ
قَدْ يَسُودُ المَرْءُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ
وَبِحُسْنِ السَّبْكِ قَدْ يُنْفَى الزَّغَلْ
إِنَّمَا الـوَرْدُ مِنَ الشَّـوْكِ وَمَـا
يَـطْـلُـعُ النَّرْجِـسُ إِلَّا مِـنْ بَـصَـلْ
مَعَ أَنِّي أَحْمَدُ اللهَ عَلَى
نَسَبِي إِذْ بِأَبِي بِكْرِ وَصَلْ
قِيمَةُ الإِنْسَانِ مَا يُحْسِنُهُ
أَكْثَرَ الإِنْسَانُ مِنْهُ أَوْ أَقَلْ
اكْتُمِ الأَمْرَيْنِ فَقْراً وَغِنىً
وَاكْسِبِ الفَلْسَ وَجَانِبْ مَنْ بَطَلْ
وَادَّرِعْ جِدّاً وَكَدّاً وَاجْتَنِبْ
صُحْبَـةَ الحَمْقَى وَأَرْبَـابِ الخَلَلْ
بَيْنَ تَبْذِيرٍ وَبُخْلٍ رُتْبَةٌ
وَكِلَا هَذَيْنِ إِنْ دَامَ قَتَلْ
لَا تَخُضْ فِي سَبِّ سَادَاتٍ مَضَوْا
إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلٍ لِلزَّلَلْ
وَتَغَافَلْ عَنْ أُمُورٍ إِنَّهُ
لَمْ يَفُزْ بِالحَمْدِ إِلَّا مَنْ عَقَلْ
لَيْسَ يَخْلُو المَرْءُ مِنْ ضِدٍّ وَإِنْ
حَاوَلَ العُزْلَةَ فِي رَأْسِ جَبَلْ
مِـلْ عَـنِ النَّمَّـامِ واهْجُـرْهُ فَمَـا
بَلَّغَ المَكْرُوهَ إِلَّا مَنْ نَقَلْ
دَارِ جَـارَ الـدَّارِ إِنْ جَــارَ وَإِنْ
لَمْ تَجِدْ صَبْراً فَمَا أَحْلَى النُّقَلْ
جَانِبِ السُّلْطَانَ وَاحْذَرْ بَطْشَهُ
لَا تُخَاصِمْ مَنْ إِذَا قَالَ فَعَلْ
لَا تَلِ الحُكْمَ وإِنْ هُمْ سَأَلُوا
رَغْـبَـةً فِـيـكَ وَخَـالِفْ مَـنْ عَـذَلْ
إِنَّ نِصْفَ النَّاسِ أَعْدَاءٌ لِمَنْ
وَ لِيَ الأَحْكَامَ هَذَا إِنْ عَدَلْ
فَهْـوَ كَالمَحْـبُـوسِ عَنْ لَـذَّاتِــهِ
وَكِـلَا كَفَّيْهِ فِي الحَشْرِ تُغَلْ
إِنَّ لِلنَّـقْـصِ وَالِاسَـتِـثْـقَـالِ فِـي
لَفْظَـةِ القَاضِـي لَـوَعْـظـاً وَمَـثَـلْ
لَا تُسَاوِي لَذَّةَ الحُكْمِ بِمَا
ذَاقَهُ الشَّخْصُ إِذَا الشَّخْصُ انْعَزَلْ
فَالوِلَايَاتُ وَإِنْ طَابَتْ لِمَنْ
ذَاقَهَا فَالسُّمُّ فِي ذَاكَ العَسَلْ
نَصَبُ المَنْصِبِ أَوْهَى جَسَدِي
وَعَنَائِي مِنْ مُدَارَاةِ السَّفَلْ
قَصِّرِ الآمَالَ فِي الدُّنْيَا تَفُزْ
فَدَلِيلُ العَقْلِ تَقْصِيرُ الأَمَلْ
إِنَّ مَنْ يَطْلُبُهُ المَوْتُ عَلَى
غِـرَّةٍ مِـنْـهُ جَـدِيـرٌ بِالـوَجَـلْ
غِبْ وَزُرْ غِبّاً تَزِدْ حُبّاً فَمَنْ
أَكْثَرَ التَّرْدَادَ أَضْنَاهُ المَلَلْ
خُذْ بِنَصْلِ السَّيْفِ وَاتْرُكْ غِمْدَهُ
وَاعْتَبِـرْ فَضْـلَ الفَتَـى دُونَ الحُلَلْ
لَا يَضُرُّ الفَضْلَ إِقْلَالٌ كَمَا
لَا يَضُرُّ الشَّمْسَ إِطْبَاقُ الطَّفَلْ
حُـبُّـكَ الأَوْطَـانَ عَجْـزٌ ظَـاهِرٌ
فَاغْتَرِبْ تَلْقَ عَنِ الأَهْلِ بَدَلْ
فَبِمُكْثِ المَـاءِ يَبْـقَى آسِنـاً
وَسُرَى البَدْرِ بِهِ البَدْرُ اكْتَمَلْ
أَيُّهَا العَائِبُ قَوْلِي عَابِثاً
إِنَّ طِيبَ الوَرْدِ مُؤْذٍ بِالجُعَلْ
عَدِّ عَنْ أَسْهُمِ قَوْلِي وَاسْتَتِرْ
لَا يُصِيبَنَّكَ سَهْمٌ مِنْ ثُعَلْ
لَا يَغُرَّنَّكَ لِينٌ مِنْ فَتىً
إِنَّ لِلْحَيَّاتِ لِيناً يُعْتَزَلْ
أَنَا مِثْلُ المَاءِ سَهْلٌ سَائِغٌ
وَمَتَى سُخِّنَ آذَى وَقَتَلْ
أَنَا كَالخَيْـزُورِ صَعْـبٌ كَسْـرُهُ
وَهْوَ لَيْـنٌ كَيْفَمَـا شِئْتَ انْـفَـتَـلْ
غَيْرَ أَنِّي فِي زَمَانٍ مَنْ يَكُنْ
فِيهِ ذَا مَالٍ هُوَ المَوْلَى الأَجَلْ
وَاجـبٌ عِنْـدَ الـوَرَى إِكْـرَامُــهُ
وَقَلِيلُ المَالِ فِيهِمْ يُسْتَقَلْ
كُلُّ أَهْلِ العَصْرِ غُمْرٌ وَأَنَا
مِنْهُمُ؛ فَاتْرُكْ تَفَاصِيلَ الجُمَلْ
وَصَلَاةُ اللهِ رَبِّي كُلَّمَا
طَلَعَ الشَّمْسُ نَهَاراً وَأَفَلْ
لِلَّذِي حَـازَ العُـلَى مِنْ هَـاشِـمٍ
أَحْـمَـدَ المُخْـتَـارِ مَنْ سَـادَ الأُوَلْ
وَعَـلَـى آلٍ وَصَـحْـبٍ سَـــادَةٍ
لَيْـسَ فِيهِـمْ عَـاجِـزٌ إِلَّا بَـطَــلْ

  • لامية ابن الوردي
  • المستوى:4