حياكم الله في
موقع مشروع حفاظ السنةالأَرْبَعُونَ فِي مَبَانِي الإِسْلَامِ وَقَوَاعِدِ الأَحْكَامِ
المسمى:
لِأَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بنِ شَرَفٍ النَّوَوِيِّ
المُتَوَفَّى سَنَةَ ( 676 هـ ) $
مَعَ زِيَادَةِ ابنِ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيِّ
المُتَوَفَّى سَنَةَ ( 795 هـ ) $
الحَدِيثُ الأَوَّلُ
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّـيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».
رَوَاهُ إِمَامَا الْمُحَدِّثِينَ أَبُو عَبْدِ اللَّـهِ مُحَمَّدُ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ بَرْدِزْبَهْ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُشَيْرِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- فِي «صَحِيحَيْهِمَا» اللَّذَيْنِ هُمَا أَصَحُّ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ.
الحَدِيثُ الثَّانِي
عَنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَيْضاً قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّـهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ؛ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّـهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَـضَـانَ، وَتَحُـجَّ الْـبَـيْتَ إِنِ اسْتَطَـعْـتَ إِلَيْـهِ سَبِيلاً.
قَالَ: صَدَقْتَ.
فَعَجبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ!
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ؟
قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّـهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ.
قَالَ: صَدَقْتَ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ؟
قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّـهَ كَأَنـَّـكَ تَـرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟
قَالَ: مَـا الْمَـسْـؤُولُ عَنْـهَـا بِأَعْـلَـمَ مِـنَ السَّـائِــلِ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِـي عَـنْ أَمَـارَاتِـهَـا.
قَالَ: أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّـتَهَا، وَأَنْ تَـرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ.
قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ مَلِيّاً.
ثُمَّ قَالَ لِي: يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟
قُلْتُ: اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَـكُمْ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الثَّالِثُ
عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَبْدِ اللَّـهِ بْنِ عُمَرَ ابْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ يَقُولُ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الرَّابِعُ
عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللَّـهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ -وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ-: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ،ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيـهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَـرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَـاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ؛ فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّـةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا.
وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَـهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْـبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الخَامِسُ
عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -أُمِّ عَبْدِ اللَّـهِ، عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».
الحَدِيثُ السَّادِسُ
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.
فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَام.
كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمىً، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّـهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ السَّابِعُ
عَنْ أَبِي رُقَيَّـةَ، تَمِيـمِ بْنِ أَوْسٍ الـدَّارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُـولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الثَّامِـنُ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّـهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ؛ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُـمْ، وَأَمْـوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَـقِّ الْإِسْـلَام، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّـهِ تَعَالَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ التَّاسِعُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَخْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ يَـقُـولُ: «مَا نَهَيْـتُـكُمْ عَنْـهُ فَاجْتَـنِـبُوهُ، وَمَـا أَمَرْتُـكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْـهُ مَا اسْتَطَعْـتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ». رَوَاهُ الْبُخَـــارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ العَاشِرُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّـهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّباً، وَإِنَّ اللَّـهَ تَعَالَى أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِـهِ الْمُرْسَلِيـنَ، فَقَـالَ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ﴾. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾.
ثُمَّ ذَكَـرَ الرَّجُـلَ يُطِيلُ السَّفَـرَ، أَشْعَثَ، أَغْبَـرَ، يَمُـدُّ يَدَيْـهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَـا رَبِّ! يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُـهُ حَـرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَـرَامِ، فَأَنَّـــى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الحَادِي عَشَرَ
عَـنْ أَبِي مُحَمَّـدٍ، الْحَسَـنِ بْنِ عَلِـيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -سِبْطِ رَسُولِ اللَّـهِ ﷺ وَرَيْحَانَتِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّـهِ ﷺ: «دَعْ مَا يَرِيبُـكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».
الحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيـهِ». حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ.
الحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ
عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، خَادِمِ رَسُولِ اللَّـهِ ﷺ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا يُؤْمِـنُ أَحَدُكُـمْ حَتَّـى يُحِـبَّ لِأَخِـيهِ مَا يُـحِبُّ لِـنَـفْسـِهِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الرَّابِـعَ عَشَرَ
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ، الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الخَامِسَ عَشَرَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: «أَوْصِنِي. قَالَ: لَا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَاراً، قَالَ: لَا تَغْضَبْ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
الحَدِيثُ السَّابِـعَ عَشَرَ
عَنْ أَبِي يَعْلَى، شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنْ رَسُولِ اللَّـهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّـهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، جُنْـدُبِ بْنِ جُنَـادَةَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، عَنْ رَسُولِ اللَّـهِ ﷺ قَالَ: «اتَّقِ اللَّـهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِـعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ»، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: «حَسَنٌ صَحِيحٌ».
الحَدِيثُ التَّاسِعَ عَشَرَ
عَنْ أَبِي الْعَبَّـاسِ، عَبْدِ اللَّـهِ بْنِ عَبَّـاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَـالَ: كُنْتُ خَـلْفَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمـاً، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّـهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّـهَ تَجِدْهُ تُجَاهَـكَ، إِذَا سَأَلْـتَ فَاسْـأَلِ اللَّـهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّـهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَـبَـهُ اللَّـهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَـبَـهُ اللَّـهُ عَلَيْكَ؛ رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».
وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ التِّرْمِذِيِّ: «احْفَظِ اللَّـهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللَّـهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْـكَ فِي الشِّدَّةِ، وَاعْلَـمْ أَنَّ مَا أَخْطَـأَكَ لَمْ يَكُنْ لِـيُصِيبَكَ، وَمَـا أَصَابَكَ لَـمْ يَكُـنْ لِيُخْطِئَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً».
الحَدِيثُ العِشْرُونَ
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ الْبَـدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: «إِنَّ مِمَّــا أَدْرَكَ النَّــاسُ مِنْ كَـــلَامِ النُّـبُــوَّةِ الْأُولَـى: إِذَا لَـمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
الحَدِيثُ الحَادِي وَالعِشْرُونَ
عَنْ أَبِي عَمْرٍو -وَقِيلَ: أَبِي عَمْرَةَ- سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلاً لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً غَيْـرَكَ. قَالَ: قُلْ: آمَنْتُ بِاللَّـهِ، ثُمَّ اسْتَقِـمْ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الثَّانِي وَالعِشْرُونَ
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّـهِ، جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّـهِ الْأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ فَقَالَ: «أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَـــلَالَ، وَحَرَّمْـتُ الْحَرَامَ، وَلَـمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئاً؛ أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَمَعْنَـى: «حَرَّمْتُ الْحَــرَامَ»: اجْـتَـنَـبْـتُـــهُ.
وَمَعْنَى: «أَحْلَلْتُ الْحَـلَالَ»: فَعَلْـتُـهُ مُعْتَـقِداً حِـلَّــهُ.
الحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالعِشْرُونَ
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْحَارِثِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّـهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ -أَوْ: تَمْلَأُ- مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا، أَوْ مُوبِقُهَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالعِشْرُونَ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّـهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً؛ فَلَا تَظَالَمُوا.
يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَـدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ.
يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ.
يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَـكْسُونِي أَكْسُكُمْ.
يَا عِبَادِي، إِنَّكُم تُخْطِئُونَ بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً؛ فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ.
يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي.
يَا عِبَـادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَـكُمْ وَآخِـرَكُـمْ، وَإِنْسَكُـمْ وَجِـنَّـكُمْ كَانُـوا عَلَى أَتْقَى قَلْـبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئاً.
يَا عِبَـادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَـكُمْ وَآخِـرَكُـمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئاً.
يَا عِبَـادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَـكُمْ وَآخِـرَكُـمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّـكُمْ قَـامُوا فِي صَعِيـدٍ وَاحِـدٍ، فَسَأَلُونِـي، فَأَعْطَيْتُ كُـلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَـصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْـدِي إِلَّا كَمَـا يَنْقُـصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ.
يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُـمْ إِيَّاهَا؛ فَمَنْ وَجَـدَ خَيْـراً فَلْيَحْمَدِ اللَّـهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الخَامِسُ وَالعِشْرُونَ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَيْضاً: أَنَّ نَاساً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّـهِ ﷺ قَالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ: «يَا رَسُولَ اللَّـهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ؛ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ.
قَالَ: أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟! إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّـهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟!
قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ، كَانَ لَهُ أَجْرٌ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ السَّادِسُ وَالعِشْرُونَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: «كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ؛ تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ السَّابِعُ وَالعِشْرُونَ
عَـنِ النَّـوَّاسِ بْـنِ سَمْعَـانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَـنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ فَقَالَ: «جِئْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، الْبِرُّ: مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَالْإِثْمُ: مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَـاكَ النَّـاسُ وَأَفْـتَـوْكَ». حَدِيـثٌ حَسَـنٌ، رُوِّينَاهُ فِي مُسْنَدَيِ الْإِمَامَيْنِ: أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالدَّارِمِيِّ، بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
الحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالعِشْرُونَ
عَنْ أَبِي نَجِـيحٍ الْعِرْبَـاضِ بْنِ سَارِيَـةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ.
فَقُلْنَـا: يَا رَسُولَ اللَّـهِ! كَأَنَّهَا مَوْعِظَـةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا، قَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّـهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَـعِشْ مِنْـكُمْ بَعْدِي فَسَيَـرَى اخْـتِلَافاً كَثِـيراً، فَعَلَيْـكُمْ بِسُنَّتِـي وَسُنَّـةِ الْخُـلَـفَـاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَـةٌ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّـرْمِـذِيُّ، وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».
الحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالعِشْرُونَ
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «قُلْتُ: يَـا رَسُـولَ اللَّهِ، أَخْـبِرْنِـي بِعَمَـلٍ يُدْخِـلُنِـي الْجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ: لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّـهُ عَلَيْهِ: تَعْـبُدُ اللَّـهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ.
ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ تَلَا: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ حَتَّى بَلَغَ ﴿يَعْمَلُون﴾.
ثُـمَّ قَـالَ: أَلَا أُخْـبِرُكَ بِـرَأْسِ الْأَمْـرِ، وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟
قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّـهِ.
قَالَ: رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ.
ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟
قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّـهِ.
فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا.
قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّـهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَـذُونَ بِمَا نَتَـكَلَّمُ بِهِ؟
فَقَالَ: ثَكِلَتْـكَ أُمُّـكَ! وَهَلْ يَكُـبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟!». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».
الحَدِيثُ الثَّلَاثُونَ
عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، جُرْثُومِ بْنِ نَاشِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنْ رَسُولِ اللَّـهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّـهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَـدَّ حُـدُوداً فَلَا تَعْتَدُوهَـا، وَحَـرَّمَ أَشْيَـاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا». حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ.
الحَدِيثُ الحَادِي وَالثَّلَاثُونَ
عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّـهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّـهُ، وَأَحَبَّنِي النَّاسُ؛ فَقَالَ: ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّـهُ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ». حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيرُهُ بِأَسَانِيدَ حَسَنَةٍ.
الحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ قَالَ: «لَا ضَرَرَ، ولَا ضِرَارَ». حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمَا مُسْنَداً.
وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي «الْمُوَطَّإِ» عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مُرْسَلاً، فَأَسْقَطَ أَبَا سَعِيدٍ، وَلَهُ طُرُقٌ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضاً.
الحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ قَالَ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ؛ لَادَّعَى رِجَالٌ أَمْوَالَ قَوْمٍ وَدِمَاءَهُمْ، لَكِنِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ». حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ هَكَذَا، وَبَعْضُهُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ».
الحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: «لَا تَحَاسَدُوا، ولَا تَنَاجَشُوا، ولَا تَبَاغَضُوا، ولَا تَدَابَرُوا، ولَا يَبِـعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَاناً، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، ولَا يَخْذُلُـهُ، ولَا يَحْـقِرُهُ، التَّـقوَى هَاهُنَـا -وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-، بِحَسْبِ امْـرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِـرَ أَخَـاهُ الْمُسْلِـمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَـا؛ نَفَّسَ اللَّـهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ؛ يَسَّرَ اللَّـهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَـرَ مُسْلِماً سَتَـرَهُ اللَّـهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّـهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللَّـهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّـهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ؛ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَـةُ، وَغَشِيَـتْـهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُـمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّـهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ.
الحَدِيثُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ
عَنِ ابْنِ عَبَّــاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، عَنْ رَسُولِ اللَّـهِ ﷺ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، قَالَ: «إِنَّ اللَّـهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّـئَاتِ، ثُمَّ بَـيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَـبَهَا اللَّـهُ عِنْدَهُ حَسَنَـةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَـبَـهَا اللَّـهُ عِنْـدَهُ عَشْـرَ حَسَنَـاتٍ، إِلَى سَبْعِـمِـائَـةِ ضِعْفٍ، إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّـئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَـبَهَا اللَّـهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَـبَهَا اللَّـهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» بِهَذِهِ الْحُرُوفِ.
الحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّـهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِـي لَأُعْطِـيَـنَّـهُ، وَلَئِنِ اسْتَـعَـاذَنِـي لَأُعِيذَنَّهُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
الحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالثَّلاثُونَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّـهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ». حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
الحَدِيثُ الأَرْبَعُونَ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ».
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: «إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
الحَدِيثُ الحَادِي وَالأَرْبَعُونَ
عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَبْدِ اللَّـهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَـبَعـاً لِمَـا جِئْـتُ بِهِ». حَـدِيثٌ صَحِيحٌ، رُوِّينَاهُ فِي كِتَابِ «الْحُجَّةِ» بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
الحَدِيثُ الثَّانِي وَالأَرْبَعُونَ
عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ يَقُولُ: «قَالَ اللَّـهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، يَـا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِـي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَـا، ثُمَّ لَقِيتَنِـي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئـاً؛ لَأَتَـيْـتُـكَ بِقُرَابِهَـا مَغْفِرَةً». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ».
الحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالأَرْبَعُونَ(1)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا أَبْقَتِ الْفَرَائِضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالأَرْبَعُونَ
عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ». خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ الخَامِسُ وَالأَرْبَعُونَ
عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ عَامَ الْفَتْحِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ، يَقُولُ: «إِنَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ.
فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّـهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟
قَالَ: لَا، هُوَ حَرَامٌ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ عِنْدَ ذَلِكَ: قَاتَلَ اللَّـهُ الْيَهُودَ، إِنَّ اللَّـهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ، فَأَجْمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ». خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ السَّادِسُ وَالأَرْبَعُونَ
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْرِبَةٍ تُصْنَعُ بِهَا، فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: الْبِتْعُ وَالْمِزْرُ. فَقِيلَ لِأَبِي بُرْدَةَ: مَا الْبِتْعُ؟ قَالَ: نَبِيذُ الْعَسَلِ، وَالْمِزْرُ: نَبِيذُ الشَّعِيـرِ. فَقَالَ: كُـلُّ مُسْكِـرٍ حَــرَامٌ». خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَخَرَّجَهُ مُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ: «قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنَا وَمُعَاذٌ إِلَى الْيَمَنِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ شَرَاباً يُصْنَعُ بِأَرْضِنَا يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ مِنَ الشَّعِيرِ، وَشَرَابٌ يُقَالُ لَهُ الْبِتْعُ مِنَ الْعَسَلِ، فَقَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ».
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: فَقَالَ: «كُلُّ مَا أَسْكَرَ عَنِ الصَّلَاةِ فَهُوَ حَرَامٌ».
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ قَدْ أُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ بِخَوَاتِمِهِ، فَقَالَ: «أَنْهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ أَسْكَرَ عَنِ الصَّلَاةِ».
الحَدِيثُ السَّابِعُ وَالأَرْبَعُونَ
عَـنِ الْمِقْـدَامِ بْنِ مَعْـدِي كَـرِبَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّـهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَـرّاً مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْـنِ آدَمَ أَكَـــلَاتٌ يُـقِمْنَ صُلْبَـهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ، فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ». رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «حَسَنٌ».
الحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالأَرْبَعُونَ
عَنْ عَبْدِ اللَّـهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقاً، وَإِنْ كَانَتْ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ فِيهِ؛ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا خَـاصَمَ فَجَـرَ، وَإِذَا عَـاهَدَ غَـدَرَ». خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالأَرْبَعُونَ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَوْ أَنَّـــكُمْ كُنْـتُمْ تَوَكَّلُـونَ عَلَى اللَّـهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ؛ لَرَزَقَـكُمْ كَمَا يَـرْزُقُ الطَّيْـرَ، تَغْدُو خِمَاصاً، وَتَرُوحُ بِطَاناً». رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي «صَحِيحِهِ»، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «حَسَنٌ صَحِيحٌ».
الحَدِيثُ الخَمْسُونَ
عَنْ عَبْدِ اللَّـهِ بْنِ بُسْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّـهِ إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيْنَا، فَبَابٌ نَتَمَسَّكُ بِهِ جَامِعٌ؟ قَالَ: لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبـاً مِنْ ذِكْرِ اللَّـهِ -عَزَّ وَجَلَّ-».
خَرَّجَـهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -بِهَذَا اللَّفْظِ-. وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي «صَحِيحِهِ» بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «حَسَنٌ غَرِيبٌ».
وَكُلُّهُمْ خَرَّجَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الكِنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وَخَرَّجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي «صَحِيحِهِ» وَغَيْـرُهُ مِنْ حَدِيـثِ مُعَـاذِ بْنِ جَبَـلٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: آخِـرُ مَـا فَـارَقْـتُ عَلَيْـهِ رَسُـولَ اللَّـهِ ﷺ أَنْ قُلْتُ لَهُ: أَيُّ الْأَعْمَالِ خَيْرٌ وَأَقْرَبُ إِلَى اللَّـهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّـهِ -عَزَّ وَجَلَّ- ».
____________________________ (1) مِنْ هُنَا تَبْدَأُ زِيَادَةُ ابْنِ رَجَبٍ $ .