moton-icon

المتون العلمية

«

المستوى السادس

«

العقيدة

«

المتن الأول

الواسطية
اعتقااد

لِشَيْخِ الإِسْلَامِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِالحَلِيمِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ

المُتَوَفَّى سَنَةَ ( 728 هـ ) $

basmalah

الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً.

وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ إِقْرَاراً بِهِ وَتَوْحِيداً.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً مَزِيداً.

اعْتِقَادُ الفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ المَنْصُورَةِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ
أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ

الإِيمَانُ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالبَعْثِ بَعْدَ المَوْتِ، وَالإِيمَانُ بِالقَدَرِ؛ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ.

وَمِنَ الإِيمَانِ بِاللَّهِ:

‏- الإِيمَانُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ.

‏- وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ ﷺ.

مِنْ غَيْرِ: تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ: تَـكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ.

بَـلْ يُـؤْمِنُونَ بِـأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَـهُ: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.

فَلَا يَنْفُونَ عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ.

وَلَا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ.

وَلَا يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ، وَآيَاتِهِ.

وَلَا يُكَـيِّـفُونَ، وَلَا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِـصِـفَـاتِ خَـلْـقِـهِ.

لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا سَمِيَّ لَهُ، وَلَا كُفْءَ لَهُ، وَلَا نِدَّ لَهُ، وَلَا يُقَاسُ بِخَلْقِهِ.

فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ، وَأَصْدَقُ قِيلاً، وَأَحْسَنُ حَدِيثاً مِنْ خَلْقِهِ.

ثُمَّ رُسُلُهُ صَادِقُونَ مُصَدَّقُونَ؛ بِخِلَافِ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ.

وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

فَسَبَّحَ نَفْسَهُ عَمَّا وَصَفَهُ بِهِ المُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ، وَسَلَّمَ عَلَى المُرْسَلِينَ؛ لِسَلَامَةِ مَا قَالُوهُ مِنَ النَّقْصِ وَالعَيْبِ.

وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَمَعَ فِيمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ: بَـيْنَ النَّـفْيِ وَالإِثْبَاتِ.

فَــلَا عُـدُولَ لِأَهْــلِ السُّـنَّــةِ وَالـجَـمَـاعَـةِ عَـمَّـا جَـاءَتْ بِــهِ الـمُـرْسَـلُـونَ.

فَإِنَّهُ الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ، صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَـمَ اللَّهُ عَلَيْهِـمْ مِنَ النَّبِيِّـيـنَ وَالصِّدِّيقِـيـنَ وَالشُّهَـدَاءِ وَالصَّالِحِينَ.

وَقَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الجُمْلَةِ:

مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي سُورَةِ الإِخْـلَاصِ‏، الَّتِـي تَعْدِلُ ثُلُثَ القُـرْآنِ.

حَيْثُ يَـقُولُ: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾.

وَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي أَعْظَمِ آيَـةٍ فِي كِتَـابِـهِ.

حَيْثُ يَـقُولُ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾.

وَلِهَذَا كَانَ مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ فِي لَيْلَةٍ؛ لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُهُ شَيْطَانٌ حَتَّى يُصْبِحَ.

وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾.

وَقَـوْلِـهِ: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.

وَقَـوْلِـهِ: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ ﴿ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾.

﴿ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾.

﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾.

﴿ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.

﴿ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾.

﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾.

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾.

﴿ فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

﴿ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.

﴿ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾.

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾.

﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾.

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾.

﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.

﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا﴾.

﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾.

﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾.

﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.

﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾.

﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾.

﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾.

﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلًا﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾.

﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾.

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾.

﴿ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ﴾.

﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾.

﴿ لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾.

﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾.

﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾.

﴿ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾.

﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.

﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾.

﴿ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾.

﴿ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾.

﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾.

﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾.

﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾.

﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.

﴿ فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾.

﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ.

وَقَوْلِهِ: ﴿ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾.

﴿ بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾.

﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾.

﴿ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾.

﴿ ءَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.

﴿ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾.

﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾.

﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾.

﴿ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

﴿ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾.

﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾.

﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾.

﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾.

﴿ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ﴾.

﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾.

﴿ وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾.

﴿ وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.

﴿ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾.

﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَاءِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾.

﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾.

﴿ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.

﴿ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾.

﴿ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾.

﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَاءِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾.

﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾.

﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ﴾.

وَقَوْلِهِ: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾.

﴿ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ﴾.

﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾.

﴿ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾.

وَهَذَا البَابُ فِـي كِتَابِ اللَّهِ كَـثِـيرٌ.

مَـنْ تَـدَبَّـرَ القُرْآنَ طَالِـباً لِلْهُدَى مِنْـهُ؛ تَـبَـيَّـنَ لَـهُ طَرِيـقُ الحَـقِّ.

ثُمَّ سُنَّــةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ:

تُـفَـسِّـرُ القُرْآنَ، وَتُـبَـيِّـنُـهُ، وَتَدُلُّ عَلَيْهِ، وَتُـعَـبِّــرُ عَنْـهُ.

وَمَـا وَصَفَ الرَّسُولُ ﷺ بِـهِ رَبَّـهُ، مِـنَ الأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ الَّتِي تَلَقَّاهَا أَهْلُ المَعْرِفَةِ بِالقَبُولِ: وَجَبَ الإِيمَانُ بِهَا كَذَلِكَ.

مِثْلُ قَوْلِهِ ﷺ: ‏«يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟‏» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَوْلِهِ ﷺ: ‏«لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ بِرَاحِلَتِهِ...‏» الحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَوْلِهِ ﷺ: ‏«يَضْحَكُ اللَّهُ إلَى رَجُلَيْنِ؛ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ‏» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَوْلِهِ ﷺ: ‏«عَجِبَ رَبُّـنَـا مِنْ قُـنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ؛ يَنْظُرُ إلَيْكُمْ أَزِلِينَ قَنِطِينَ، فَيَـظَـلُّ يَضْحَـكُ؛ يَعْلَـمُ أَنَّ فَرَجَكُمْ قَرِيبٌ‏» حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَقَوْلِهِ ﷺ: ‏«لَا تَـزَالُ جَهَنَّـمُ يُـلْـقَـى فِيهَا، وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ العِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ -وَفِي رِوَايَةٍ: عَلَيْهَا‏ قَدَمَهُ- فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ؛ فَتَقُولُ: قَطْ، قَطْ‏» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَوْلِهِ ﷺ: ‏«يَقُولُ اللَّهُ: يَا آدَمُ! فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيُنَادِي بِصَوْتٍ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثاً إِلَى النَّارِ‏» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَوْلِهِ: ‏«مَا مِنْـكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَاجِبٌ وَلَا تُرْجُمَانٌ‏».

وَقَوْلِهِ ﷺ فِي رُقْيَةِ المَرِيضِ: ‏«رَبُّـنَا اللَّهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، تَقَدَّسَ اسْمُكَ، أَمْرُك فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ؛ كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ؛ اجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الأَرْضِ، اغْفِرْ لَـنَا حُوبَنَا وَخَطَايَانَا، أَنْتَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ، أَنْزِلْ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وَشِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ عَلَى هَذَا الوَجَعِ‏» حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

وَقَوْلِـهِ: ‏«أَلَا تَـأْمَـنُونِـي وَأَنَـا أَمِينُ مَنْ فِـي السَّمَاءِ؟!‏» رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيْـرُهُ.

وَقَوْلِهِ: ‏«وَالعَـرْشُ فَـوْقَ ذَلِـكَ، وَاللَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ‏» حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْـرُهُمَا.

وَقَوْلِـهِ لِلْجَارِيَـةِ: ‏«أَيْنَ اللَّهُ ؟‏».

قَالَتْ: فِـي السَّمَاءِ.

قَالَ: ‏«مَنْ أَنَا؟‏».

قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ.

قَالَ: ‏«أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَـةٌ‏» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقَوْلِهِ: ‏«أَفْـضَـلُ الإِيمَـانِ: أَنْ تَعْلَـمَ أَنَّ اللَّهَ مَعَكَ حَيْثُمَا كُنْتَ‏» حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَقَـوْلِـهِ ﷺ: ‏«إِذَا قَـامَ أَحَـدُكُــمْ إِلَـى الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ؛ فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ‏» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَوْلِهِ ﷺ: ‏«اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّـةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَـتِهَا.

اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ، وَأَغْنِنِي مِنَ الفَقْرِ‏» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقَوْلِهِ -لَمَّـا رَفَـعَ أَصْحَابُـهُ أَصْوَاتَـهُمْ بِالذِّكْـرِ-: ‏«أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِباً؛ إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعاً قَرِيباً، إنَّ الَّذِي تَدْعُونَـهُ أَقْـرَبُ إِلَى أَحَـدِكُمْ مِنْ عُـنُـقِ رَاحِلَـتِـهِ‏» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَوْلِهِ ﷺ: ‏«إِنَّكُمْ سَتَـرَوْنَ رَبَّـكُمْ كَمَا تَرَوْنَ القَمَرَ لَيْلَةَ البَدْرِ، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ؛ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَلَّا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا؛ فَافْعَلُوا‏» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

إِلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ الَّتِي يُخْبِرُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ رَبِّهِ؛ بِمَا يُخْبِرُ بِهِ.

فَإِنَّ الفِرْقَةَ النَّاجِيَـةَ -أَهْلَ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ- يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ، كَمَـا يُؤْمِنُونَ بِمَا أَخْبَـرَ اللَّهُ بِـهِ فِـي كِتَابِـهِ، مِنْ غَـيْرِ: تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ: تَـكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِـيلٍ.

بَلْ هُمُ الوَسَطُ فِـي فِـرَقِ الأُمَّـةِ؛ كَمَا أَنَّ الأُمَّـةَ هِيَ الوَسَـطُ فِـي الأُمَمِ.

فَهُمْ وَسَطٌ فِي بَابِ صِفَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَيْنَ أَهْلِ التَّعْطِيلِ الجَهْمِيَّةِ، وَبَيْنَ أَهْلِ التَّمْثِيلِ المُشَبِّـهَةِ.

وَهُمْ وَسَطٌ فِي بَابِ أَفْعَالِ اللَّهِ: بَيْنَ القَدَرِيَّــةِ وَالجَبْرِيَّــةِ.

وَفِـي بَابِ وَعِـيـدِ اللَّهِ: بَـيْنَ المُـرْجِـئَـةِ، وَبَـيْـنَ الوَعِيـدِيَّـةِ -مِنَ القَدَرِيَّـةِ وَغَيْرِهِمْ-.

وَفِي بَابِ الإِيمَانِ وَالدِّينِ: بَيْنَ الحَرُورِيَّةِ وَالمُعْتَزِلَةِ، وَبَيْنَ المُرْجِئَةِ وَالجَهْمِيَّـةِ.

وَفِـي أَصْـحَــابِ رَسُــولِ اللَّهِ ﷺ: بَـيْـنَ الرَّوَافِضِ، وَبَـيْــنَ الخَوَارِجِ.

وَقَدْ دَخَلَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الإِيمَانِ بِاللهِ:

الإِيمَانُ بِمَا أَخْبَـرَ اللَّهُ بِهِ فِـي كِتَابِـهِ، وَتَوَاتَـرَ عَنْ رَسُولِهِ ﷺ، وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الأُمَّـةِ:

- مِنْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ، عَلِيٌّ عَلَى خَلْقِهِ.

- وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا؛ يَعْلَمُ مَا هُمْ عَامِلُونَ.

كَمَا جَمَعَ بَيْنَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.

وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ﴾: أَنَّهُ مُخْتَلِطٌ بِالخَلْقِ.

- فَإِنَّ هَذَا لَا تُوجِبُـهُ اللُّـغَـةُ.

- وَهُوَ خِلَافُ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الأُمَّةِ.

- وَخِلَافُ مَا فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الخَلْقَ.

بَلِ القَمَرُ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، مِنْ أَصْغَرِ مَخْلُوقَاتِهِ، وهُوَ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ مَعَ المُسَافِرِ أَيْنَمَا كَانَ.

وَهُـوَ سُبْحَانَـهُ فَـوْقَ العَـرْشِ رَقِـيبٌ عَلَـى خَلْـقِـهِ، مُهَـيْـمِـنٌ عَلَيْهِمْ، مُطَّلِعٌ إلَيْهِمْ؛ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي الرُبُوبِيَّـةِ.

وَكُلُّ هَذَا الكَلَامِ الَّذِي ذَكَـرَهُ اللَّهُ -مِنْ: أَنَّهُ فَوْقَ العَرْشِ، وَأَنَّهُ مَعَنَا-: حَقٌّ عَلَى حَقِيقَتِهِ، لَا يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيفٍ، وَلَكِنْ يُـصَانُ عَنِ الظُّـنُـونِ الكَـاذِبَـةِ.

وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ:

الإِيمَانُ بِأَنَّـهُ قَرِيـبٌ مِنْ خَلْقِـهِ.

كَمَا قالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾.

وَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: ‏«إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ، أَقْـرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُـقِ رَاحِلَتِـهِ‏».

وَمَا ذُكِرَ فِـي الكِتَابِ وَالسُّنَّـةِ، مِنْ قُرْبِهِ وَمَعِيَّتِهِ، لَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ مِنْ عُلُوِّهِ وَفَوْقِيَّتِهِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي جَمِيعِ نُعُوتِهِ، وَهُوَ عَلِيٌّ فِي دُنُوِّهِ، قَرِيبٌ فِي عُلُوِّهِ.

وَمِنَ الإِيمَانِ بِهِ وَبِكُـتُبِهِ:

الإِيمَانُ بِأَنَّ القُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ، مُنَزَّلٌ، غَيْـرُ مَخْلُوقٍ.

مِنْهُ بَدَأَ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ.

وَأَنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ بِهِ حَقِيقَةً.

وَأَنَّ هَذَا القُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ، هُوَ كَلَامُ اللَّهِ حَقِيقَةً، لَا كَلَامُ غَيْرِهِ.

وَلَا يَـجُوزُ إِطْلَاقُ القَوْلِ: بِأَنَّـهُ حِكَايَـةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ، أَوْ عِبَـارَةٌ عَنْهُ.

بَلْ إِذَا قَرَأَهُ النَّاسُ أَوْ كَتَبُوهُ فِي المَصَاحِفِ؛ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ اللَّهِ حَقِيقَةً؛ فَإِنَّ الكَلَامَ إنَّمَا يُضَافُ حَقِيقَةً إلَى مَنْ قَالَهُ مُبْتَدِئاً، لَا إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبَلِّغاً مُؤَدِّياً.

وَقَدْ دَخَلَ أَيْضاً فِيمَا ذَكَرْنَاهُ -مِنَ الإِيمَانِ بِهِ وَبِكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ-:

الإِيمَانُ بِأَنَّ المُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عِيَاناً بِأَبْصَارِهِمْ.

كَمَا يَـرَوْنَ الشَّمْسَ صَحْواً لَيْسَ دُونَـهَا سَحَـابٌ. وَكَمَـا يَـرَوْنَ القَمَرَ لَيْلَةَ البَـدْرِ، لَا يُـضَامُـونَ فِـي رُؤْيَـتِـهِ.

يَـرَوْنَـهُ سُبْحَانَـهُ وَهُمْ فِـي عَـرَصَاتِ القِـيَــامَـةِ.

ثُمَّ يَرَوْنَـهُ بَعْدَ دُخُولِ الجَنَّـةِ، كَمَا يَشَاءُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وَمِنَ الإِيمَانِ بِاليَوْمِ الآخِرِ:

الإِيمَانُ بِكُلِّ مَا أَخْبَـرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ مِمَّا يَكُونُ بَعْدَ المَوْتِ:

فَـيُـؤْمِنُونَ بِفِـتْـنَـةِ القَبْرِ وَبِعَذَابِ القَـبْـرِ وَنَـعِـيـمِـهِ.

فَـأَمَّا الفِتْـنَـةُ: فَإِنَّ النَّاسَ يُـفْـتَـنُونَ فِـي قُـبُورِهِمْ.

فَـيُـقَالُ لِلرَّجُلِ: مَنْ رَبُّـكَ؟ وَمَا دِينُـكَ؟ وَمَنْ نَبِـيُّـكَ؟

فَـيُـثَـبِّتُ اللهُ الذَّينَ آمَنُوا بِالقَـوْلِ الثَّابِتِ؛ فَـيَـقُولُ المُؤْمِنُ: اللَّهُ رَبِّي، وَالإِسْلَامُ دِيـنِـي، وَمُحَمَّدٌ نَبِيِّـي.

وَأَمَّا المُرْتَابُ: فَيَقُولُ: آهْ آهْ! لَا أَدْرِي؛ سَمِعْتُ النَّاسَ يَـقُولُونَ شَيْئاً فَقُلْتُهُ.

فَـيُـضْرَبُ بِمِرْزَبَّـةٍ مِنْ حَدِيـدٍ، فَيَـصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الإِنْسَانُ لَصَعِقَ.

ثُمَّ بَعْدَ هَذِهِ الفِتْنَةِ: إِمَّا نَعِيمٌ، وَإِمَّا عَذَابٌ، إِلَى يَوْمِ القِيَـامَـةِ الكُبْـرَى.

فَتُعَادُ الأَرْوَاحُ إِلَى الأَجْسَادِ.

وَتَقُومُ القِيَامَةُ الَّتِـي أَخْبَـرَ اللَّهُ بِهَا فِـي كِتَابِـهِ، وَعَلَى لِسَـانِ رَسُولِـهِ ﷺ، وَأَجْمَعَ عَلَيْهَا المُسْلِمُونَ.

فَيَقُومُ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ لِرَبِّ العَالَمِينَ -حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً-.

وَتَدْنُو مِنْـهُمُ الشَّمْسُ.

وَيُلْجِمُهُمُ العَـرَقُ.

وَتُنْصَبُ المَوَازِينُ، فَتُوزَنُ فِيهَا أَعْمَالُ العِبَادِ ﴿ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾.

وَتُنْشَرُ الدَّوَاوِينُ -وَهِيَ صَحَائِفُ الأَعْـمَــالِ-.

- فَـآخِذٌ كِتَـابَـهُ بِـيَـمِـيـنِـهِ.

- وَآخِـذٌ كِـتَـابَـهُ بِـشَمَـالِـهِ.

- أَوْ مِـنْ وَرَاءِ ظَـهْـرِهِ.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾.

وَيُحَاسِبُ اللَّهُ الخَلْقَ.

وَيَخْلُو بِعَبْدِهِ المُؤْمِنِ، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ كَمَا وُصِفَ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

وَأَمَّـا الكُفَّـارُ: فَلَا يُحَـاسَبُونَ مُحَاسَبَـةَ مَنْ تُوزَنُ حَسَنَـاتُـهُ وَسَيِّـئَـاتُـهُ.

فَإِنَّـهُمْ لَا حَسَنَـاتِ لَـهُمْ، وَلَـكِـنْ تُعَـدَّدُ أَعْمَالُهُمْ وَتُحْصَى، فَيُوقَفُونَ عَلَيْهَا، وَيُـقَــرَّرُونَ بِـهَا، وَيُجْـزَوْنَ بِـهَا.

وَفِي عَرْصَةِ القِيَامَةِ: الحَوْضُ المَوْرُودُ لِمُحَمَّدٍ ﷺ.

مَـاؤُهُ: أَشَدُّ بَـيَـاضاً مِـنَ اللَّـبَنِ، وَأَحْـلَى مِنَ العَسَلِ.

طُولُـهُ شَهْرٌ، وَعَرْضُهُ شَهْرٌ.

آنِـيَـتُـهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ.

مَنْ شَرِبَ مِنْـهُ شَرْبَـةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْـدَهَا أَبَــداً.

وَالصِّرَاطُ مَنْصُوبٌ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ.

وَهُوَ الجِسْرُ الَّذِي بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ.

يَمُرُّ النَّاسُ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ:

- فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَلَمْحِ البَصَرِ.

- وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالبَرْقِ.

- وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ.

- وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالفَرَسِ الجَوَادِ.

- وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَرِكَابِ الإِبِلِ.

- وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْدُو عَدْواً.

- وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي مَشْياً.

- وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْحَفُ زَحْفاً.

- وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْطَفُ فَيُلْقَى فِـي جَهَنَّـمَ؛ فَـإِنَّ الجِسْـرَ عَلَيْـهِ كَلَالِيـبُ، تَخْطَـفُ النَّـاسَ بِأَعْمَـالِـهِـمْ.

فَمَنْ مَرَّ عَلَى الصِّرَاطِ؛ دَخَلَ الجَنَّـةَ.

فَإِذَا عَبَـرُوا عَلَيْهِ: وُقِفُوا عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ؛ فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا: أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ.

وَأَوَّلُ مَنْ يَسْتَفْتِحُ بَابَ الجَنَّةِ: مُـحَـمَّــدٌ ﷺ.

وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنَ الأُمَمِ: أُمَّـتُــهُ ﷺ.

وَلَهُ ﷺ فِي القِيَامَةِ ثَلَاثُ شَفَاعَاتٍ:

أَمَّا الشَّفَاعَةُ الأُولَى: فَيَشْفَعُ فِي أَهْلِ المَوْقِفِ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَهُمْ بَعْدَ أَنْ يَتَرَاجَعَ الأَنْبِيَاءُ ‏-آدَمُ، وَنُوحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ‏- الشَّفَاعَةَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَيْهِ.

وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ الثَّانِيَـةُ: فَيَشْفَعُ فِي أَهْلِ الجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلُوا الجَنَّةَ.

وَهَاتَانِ الشَّفَاعَتَانِ خَاصَّتَانِ لَهُ.

وَأَمَّـا الشَّفَاعَــةُ الثَّالِثَـةُ: فَيَشْفَـعُ فِيمَنِ اسْتَحَقَّ النَّارَ.

وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ لَهُ وَلِسَائِرِ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيـقِـيـنَ وَغَـيْـرِهِمْ.

- يَشْفَعُ فِيمَنِ اسْتَحَقَّ النَّارَ أَلَّا يَدْخُلَهَا.

- وَيَشْفَعَ فِيمَنْ دَخَلَهَا أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا.

وَيُـخْـرِجُ اللَّهُ مِـنَ النَّـارِ أَقْـوَاماً بِـغَـيْـرِ شَفَاعَـةٍ، بَـلْ بِـفَضْلِـهِ وَرَحْمَـتِــهِ.

وَيَبْـقَـى فِـي الجَنَّـةِ فَضْلٌ عَمَّـنْ دَخَلَـهَا مِـنْ أَهْـلِ الـدُّنْـيَـا.

فَيُنْشِئُ اللَّهُ لَهَا أَقْوَاماً، فَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّـةَ.

وَأَصْنَافُ مَا تَتَضَمَّنُهُ الدَّارُ الآخِرَةُ مِنَ: الحِسَابِ، وَالثَّوَابِ وَالعِقَابِ، وَالجَنَّةِ وَالنَّارِ.

وَتَفَاصِيلُ ذَلِكَ مَذْكُورَةٌ فِي:

‏- الكُتُبِ المُنَزَّلَةِ مِنَ السَّمَاءِ.

‏- وَالأَثَارَةِ مِنَ العِلْمِ؛ المَأْثُورَةِ عَنِ الأَنْبِيَاءِ.

وَفِي العِلْمِ المَوْرُوثِ عَنْ مُحَمَّدٍ ﷺ مِنْ ذَلِكَ؛ مَا يَشْفِي وَيَكْفِي، فَمَنِ ابْتَغَاهُ وَجَدَهُ.

وَتُـؤْمِـنُ الفِـرْقَـةُ النَّاجِـيَـةُ -أَهْـلُ السُّـنَّـةِ وَالجَمَاعَــةِ- بِالـقَــدَرِ خَـيْــرِهِ وَشَــرِّهِ.

وَالإِيمَانُ بِالقَدَرِ عَلَى دَرَجَتَيْنِ، كُلُّ دَرَجَةٍ تَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ.

فَالدَّرَجَةُ الأُولَى: الإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِـمَ مَا الخَلْـقُ عَامِلُونَ بِعِلْمِهِ القَدِيمِ الَّذِي هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِ أَزَلاً وَأَبَـداً. وَعَـلِمَ جَمِيعَ أَحْوَالِهِمْ، مِـنَ الطَّاعَاتِ وَالمَعَاصِي وَالأَرْزَاقِ وَالآجَــالِ. ثُـمَّ كَـتَبَ اللَّهُ فِـي اللَّـوْحِ المَحْفُوظِ مَقَادِيرَ الخَلَائِـقِ.

فَأَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ القَلَمَ؛ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ، قَالَ: مَا أَكْتُـبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.

فَمَا أَصَابَ الإِنْسَانَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَـأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، جَفَّتِ الأَقْلَامُ وَطُوِيَتِ الصُّحُفُ.

كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾.

وَقَالَ: ﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾.

وَهَذَا التَّقْدِيـرُ التَّابِـعُ لِعِلْمِهِ سُبْحَانَـهُ، يَـكُونُ فِـي مَوَاضِعَ -جُمْلَـةً وَتَفْصِيلاً-.

فَقَدْ كَتَبَ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ مَا شَاءَ.

وَإِذَا خَـلَـقَ جَسَـدَ الجَنِـينِ -قَبْـلَ نَـفْخِ الرُّوحِ فِيهِ-: بَعَثَ إلَيْهِ مَلَـكاً؛ فَيُـؤْمَـرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَـاتٍ: بِكَتْـبِ رِزْقِـهِ، وَأَجَـلِـهِ، وَعَـمَـلِهِ، وَشَقِـيٌّ أَوْ سَعِيـدٌ، وَنَحْـوِ ذَلِكَ.

فَـهَذَا الـقَـدَرُ قَـدْ كَـانَ يُـنْـكِـرُهُ غُـلَاةُ القَدَرِيَّــةِ قَدِيماً، وَمُنْـكِرُوهُ اليَـوْمَ قَلِيـلٌ.

وَأَمَّا الدَّرَجَـةُ الثَّانِـيَـةُ: فَهِيَ مَشِيئَـةُ اللَّهِ النَّافِـذَةُ، وَقُدْرَتُـهُ الشَّامِلَـةُ.

وَهُوَ: الإِيمَانُ بِأَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.

وَأَنَّـهُ مَا فِي السَّمَـاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ مِنْ حَرَكَـةٍ وَلَا سُكُونٍ إِلَّا بِمَشِيئَـةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لَا يَـكُونُ فِي مُلْكِهِ إِلَّا مَا يُرِيدُ.

وَأَنَّـهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَـى كُـلِّ شَـيْءٍ قَدِيـرٌ مِـنَ المَوْجُـودَاتِ وَالمَعْـدُومَـاتِ.

فَمَا مِنْ مَخْلُـوقٍ فِـي الأَرْضِ وَلَا فِـي السَّمَاءِ إِلَّا اللَّهُ خَالِقُهُ سُبْحَانَـهُ لَا خَالِقَ غَيْـرُهُ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ.

وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَمَرَ العِبَادَ بِطَاعَتِهِ، وَطَاعَةِ رُسُلِهِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ.

وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ المُتَّقِينَ وَالمُحْسِنِينَ وَالمُقْسِطِينَ، وَيَرْضَى عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.

وَلَا يُحِبُّ الكَافِرِينَ، وَلَا يَـرْضَى عَـنِ الـقَـوْمِ الفَـاسِـقِـيـنَ، وَلَا يَـأْمُـرُ بِالفَحْشَاءِ.

وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ، وَلَا يُحِبُّ الفَسَادَ.

وَالعِبَـادُ فَاعِلُـونَ حَقِيـقَـةً، وَاللَّهُ خَـالِـقُ أَفْعَالِهِمْ.

وَالعَبْدُ: هُوَ المُؤْمِـنُ وَالكَافِـرُ، وَالبَـرُّ وَالفَاجِرُ، وَالمُصَلِّي وَالصَّائِمُ.

وَلِلْعِبَادِ قُدْرَةٌ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، وَلَـهُمْ إِرَادَةٌ، وَاللَّـهُ خَالِـقُـهُمْ وَخَـالِـقُ قُـدْرَتِـهِــمْ وَإِرَادَتِهِمْ.

كَمَا قَالَ: ﴿ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾.

وَهَذِهِ الدَّرَجَةُ مِنَ القَـدَرِ، يُـكَذِّبُ بِهَا عَامَّــةُ القَدَرِيَّــةِ، الَّـذِينَ سَمَّـاهُمُ السَّلَـفُ: مَجُوسَ هَذِهِ الأُمَّةِ.

وَيَغْـلُو فِيهَـا قَـوْمٌ مِنْ أَهْـلِ الإِثْبَـاتِ، حَـتَّـى يَسْلُـبُـوا العَـبْدَ قُـدْرَتَـهُ وَاخْـتِـيَـارَهُ، وَيُخْرِجُونَ عَنْ أَفْعَالِ اللَّهِ وَأَحْكَامِـهِ؛ حِكَمَهَا وَمَصَالِحَهَا.

وَمِنْ أُصُولِ الفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ:

أَنَّ الدِّينَ وَالإِيمَانَ: قَوْلٌ، وَعَمَلٌ.

‏- قَوْلُ: القَلْبِ، وَاللِّسَانِ.

‏- وَعَمَلُ: القَلْبِ، وَاللِّسَانِ، وَالجَوَارِحِ.

وَأَنَّ الإِيمَانَ: يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالمَعْصِيَــةِ.

وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ، لَا يُكَفِّـرُونَ أَهْلَ القِبْلَـةِ بِمُطْلَقِ المَعَاصِي وَالكَبَائِرِ، كَمَا يَفْعَلُهُ الخَوَارِجُ، بَلِ الأُخُوَّةُ الإِيمَانِـيَّـةُ ثَابِتَـةٌ مَـعَ المَعَاصِي.

كَمَـا قَـالَ سُبْحَانَـهُ فِـي آيَـةِ القِصَاصِ: ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾.

وَقَــــالَ: ﴿ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾.

وَلَا يَـسْـلُـبُـونَ الفَـاسِـقَ المِـلِّـيَّ اسْــمَ الإِيمَـانِ بِالكُـلِّـيَّـةِ، وَلَا يُخَلِّـدُونَـهُ فِي النَّـارِ، كَمَا تَقُولُـهُ المُعْتَزِلَـةُ.

بَلِ الفَاسِقُ يَدْخُـلُ فِـي اسْمِ الإِيمَانِ. فِي مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ﴾.

وَقَدْ لَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الإِيمَانِ المُطْلَقِ.

كَمَا فِي قَوْلِهِ: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾.

وَقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: ‏«لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْـتَهِبُ نُهْبَـةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَـعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْـتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ‏».

وَيَقُولُونَ: هُوَ مُؤْمِنٌ نَاقِصُ الإِيمَانِ، أَوْ مُؤْمِنٌ بِإِيمَانِهِ، فَاسِقٌ بِكَبِيرَتِهِ؛ فَلَا يُعْطَى الِاسْمَ المُطْلَقَ، وَلَا يُسْلَبُ مُطْلَقَ الِاسْمِ.

وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ:

سَلَامَـةُ قُلُوبِـهِمْ وَأَلْسِنَـتِهِمْ لِأَصْحَـابِ مُحَـمَّــدٍ ﷺ.

كَمَـا وَصَفَـهُـمُ اللَّـهُ بِـهِ فِـي قَـوْلِـهِ: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.

وَطَاعَةُ النَّبِيِّ ﷺ فِي قَوْلِهِ: ‏«لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي؛ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْـلَ أُحُدٍ ذَهَباً؛ مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ‏».

وَيَقْبَلُونَ مَا جَاءَ بِهِ الكِتَابُ أَوِ السُّنَّـةُ أَوِ الإِجْمَاعُ، مِنْ فَضَائِلِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ.

فَـيُـفَضِّلُونَ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الفَتْحِ ‏-وَهُوَ صُلْحُ الحُدَيْبِيَةِ‏- وَقَاتَلَ، عَلَى مَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدِهِ وَقَاتَلَ.

وَيُقَدِّمُونَ المُهَاجِرِينَ عَلَى الأَنْصَارِ.

وَيُـؤْمِـنُـونَ: بِأَنَّ اللَّهَ قَالَ لِأَهْلِ بَـدْرٍ ‏-وَكَانُوا ثَلَاثَ مِئَةٍ وَبِضْعَـةَ عَشَرَ-: ‏«اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ‏».

وَبِأَنَّـهُ ‏«لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ‏»؛ كَمَا أَخْبَــرَ بِـهِ النَّبِـيُّ ﷺ، بَـلْ قَـدْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ -وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ألْفٍ وَأَرْبَعِ مِئَـةٍ-.

وَيَشْهَدُونَ بِالجَنَّةِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ -كَـالعَـشَرَةِ، ‏وَكَـثَـابِتِ بْنِ قَـيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَــةِ-.

وَيُـقِـرُّونَ بِـمَـا تَـوَاتَــرَ بِـهِ الـنَّـقْــلُ عَـنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﭬ وَغَيْرِهِ؛ مِنْ أَنَّ: خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا: أَبُو بَـكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَيُـثَـلِّـثُونَ بِعُـثْمَانَ، وَيُـرَبِّعُونَ بِعَلِيٍّ ﭫ؛ كَمَـا دَلَّتْ عَلَيْـهِ الآثَـارُ، وَكَمَـا أَجْمَعَـتِ الصَّحَابَـةُ عَلَى تَقْـدِيمِ عُـثْمَانَ فِي البَـيْعَـةِ.

مَعَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَانُوا قَـدِ اخْتَلَـفُوا فِـي عُثْمَـانَ وَعَلِيٍّ -بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ- أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَقَدَّمَ قَوْمٌ عُثْمَانَ، وَسَكَتُوا، أَوْ رَبَّعُوا بِعَلِيٍّ، وَقَدَّمَ قَوْمٌ عَلِياً، وَقَوْمٌ تَوَقَّفُوا.

لَـكِنِ اسْتَـقَـرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّـةِ عَلَى: تَقْدِيمِ عُثْمَـانَ، ثُـمَّ عَلِـيٍّ.

وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ المَسْأَلَةُ ‏-مَسْأَلَةُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ‏- لَيْسَتْ مِنَ الأُصُولِ الَّتِي يُضَلَّلُ المُخَالِفُ فِيهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ.

لَكِنَّ المَسْأَلَةَ الَّتِي يُضَلَّلُ المُخَالِفُ فِيهَا: مَسْأَلَـةُ الخِلَافَـةِ.

وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ: أَنَّ الخَلِيفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ.

وَمَنْ طَعَنَ فِي خِلَافَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ؛ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ.

وَيُـحِـبُّـونَ أَهْـلَ بَيْـتِ رَسُـولِ اللَّهِ ﷺ، وَيَـتَـوَلَّـوْنَـهُـمْ.

وَيَحْفَظُونَ فِيهِمْ وَصِيَّـةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ حَيْثُ قَالَ يَـوْمَ غَدِيـرِ خُمٍّ: ‏«أُذَكِّـرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِـي، أُذَكِّـرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِـي‏».

وَقَالَ أَيْضاً لِلْعَبَّـاسِ عَمِّهِ؛ وَقَدْ شَكَى إِلَيْـهِ أَنَّ بَعْـضَ قُـرَيْـشٍ يَجْفُـو بَـنِـي هَـاشِـمٍ؛ فَقَالَ: ‏«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّـى يُحِبُّوكُمْ لِلَّهِ وَلِـقَـرَابَتِـي‏».

وَقَالَ: ‏«إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى بَنِي إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَـةَ قُرَيْشاً، وَاصْطَـفَى مِنْ قُـرَيْـشٍ بَنِـي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ‏».

وَيَتَوَلَّوْنَ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ -أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِـينَ-.

وَيُقِـرُّونَ: بِأَنَّـهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الآخِرَةِ.

خُصُوصاً خَدِيجَةَ أُمَّ أَكْثَرِ أَوْلَادِهِ، وَأَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَعَاضَدَهُ عَلَى أَمْرِهِ، وَكَانَ لَهَا مِنْـهُ المَنْزِلَـةُ العَالِيَـةُ.

وَالصِّدِّيقَةَ بِنْتَ الصِّدِّيقِ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ ﷺ: ‏«فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ‏».

وَيَتَـبَـرَّؤُونَ مِنْ:

- طَرِيقَةِ الرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ الصَّحَابَـةَ وَيَسُبُّونَـهُمْ.

- وَطَرِيقَةِ النَّوَاصِبِ، الَّذِينَ يُؤْذُونَ أَهْلَ البَيْتِ، بِقَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.

وَيُمْسِكُونَ عَمَّا شَجَرَ بَـيْنَ الصَّحَابَـةِ.

وَيَـقُولُونَ: إِنَّ هَـذِهِ الآثَـارَ المَرْوِيَّــةَ فِـي مَسَاوِيهِمْ: مِنْـهَا مَا هُوَ كَذِبٌ، وَمِنْـهَا مَـا قَـدْ زِيـدَ فِيـهِ وَنُقِّصَ، وَغُيِّـرَ عَنْ وَجْهِهِ.

وَعَامَّـةُ الصَّحِيحِ مِنْهُ: هُمْ فِيـهِ مَعْـذُورُونَ؛ إِمَّـا مُجْـتَهِـدُونَ مُصِيـبُونَ، وَإِمَّا مُجْـتَهِدُونَ مُخْـطِـئُــونَ.

وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ: لَا يَـعْـتَـقِـدُونَ أَنَّ كُـلَّ وَاحِدٍ مِـنَ الصَّحَابَـةِ مَعْصُومٌ عَنْ كَـبَائِـرِ الإِثْمِ وَصَغَائِرِهِ، بَلْ تَجُوزُ عَلَيْهِمُ الذُّنُوبُ فِي الجُمْلَةِ.

وَلَهُمْ مِنَ السَّوَابِقِ وَالفَضَائِلِ مَا يُوجِبُ مَغْفِرَةَ مَا يَصْدُرُ مِنْـهُمْ إِنْ صَدَرَ.

حَتَّى إِنَّهُ يُغْفَرُ لَهُمْ مِنَ السَّيِّـئَاتِ مَا لَا يُغْفَرُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ، لِأَنَّ لَـهُمْ مِنَ الحَسَنَـاتِ الَّتِـي تَمْحُو السَّيِّـئَـاتِ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ.

وَقَدْ ثَـبَتَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَنَّـهُمْ خَيْـرُ القُـرُونِ.

وَأَنَّ المُدَّ مِنْ أَحَدِهِمْ إِذَا تَصَدَّقَ بِـهِ؛ كَانَ أَفْـضَـلَ مِـنْ جَبَـلِ أُحُـدٍ ذَهَـباً مِمَّنْ بَـعْـدَهُـمْ.

ثُمَّ إِذَا كَانَ قَدْ صَدَرَ عَنْ أَحَدِهِمْ ذَنْبٌ؛ فَيَكُونُ قَدْ تَابَ مِنْهُ، أَوْ أَتَى بِحَسَنَاتٍ تَمْحُوهُ، أَوْ غُفِرَ لَهُ بِفَضْلِ سَابِقَتِهِ، أَوْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ الَّذِي هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِشَفَاعَتِهِ، أَوِ ابْتُلِيَ بِبَلَاءٍ فِي الدُّنْيَا كُفِّرَ بِهِ عَنْهُ.

فَإِذَا كَانَ هَذَا فِـي الذُّنُوبِ المُحَقَّـقَـةِ؛ فَكَيْفَ بِالأُمُورِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا مُجْتَهِدِينَ؛ إِنْ أَصَابُوا فَلَهُمْ أَجْرَانِ، وَإِنْ أَخْطَأُوا فَلَهُمْ أَجْرٌ وَاحِدٌ، وَالخَطَـأُ مَغْفُورٌ لَهُمْ؟!

ثُمَّ القَدْرُ الَّذِي يُنْكَرُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِهِمْ قَلِيلٌ نَزْرٌ مَغْمُورٌ فِي جَنْبِ فَضَائِلِ القَوْمِ وَمَحَاسِنِهِمْ -مِنَ: الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ، وَالهِجْرَةِ، وَالنُّصْرَةِ، وَالعِلْمِ النَّافِعِ، وَالعَمَلِ الصَّالِحِ-.

وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيرَةِ القَوْمِ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، وَمَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الفَضَائِلِ؛ عَلِمَ يَقِيناً أَنَّهُمْ خَيْـرُ الخَلْقِ بَعْدَ الأَنْبِيَـاءِ.

لَا كَانَ وَلَا يَـكُونُ مِثْـلُـهُمْ.

وَأَنَّـهُمْ هُمُ الصَّفْـوَةُ مِـنْ قُــرُونِ هَـذِهِ الأُمَّةِ، الَّتِـي هِـيَ خَيْــرُ الأُمَمِ وَأَكْـرَمُهَـا عَـلَى اللَّـهِ.

وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ:

التَّصْدِيقُ بِكَرَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ.

وَمَا يُجْرِي اللَّهُ عَلَى أَيْدِيهِمْ؛ مِنْ خَوَارِقِ العَادَاتِ، فِي:

- أَنْـوَاعِ العُـلُومِ، وَالمُكَاشَفَاتِ.

- وَأَنْـوَاعِ القُـدْرَةِ، وَالتَّـأْثِـيرَاتِ.

- كَالمَأْثُورِ عَنْ سَالِفِ الأُمَمِ، فِي سُورَةِ الكَهْفِ وَغَيْرِهَا.

- وَعَنْ صَدْرِ هَـذِهِ الأُمَّـةِ مِنَ الصَّحَـابَـةِ وَالتَّابِـعِينَ وَسَائِـرِ قُـرُونِ الأُمَّــةِ.

وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَـةِ.

ثُمَّ مِنْ طَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ:

اتِّـبَاعُ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَاطِناً وَظَاهِراً.

وَاتِّـبَـاعُ سَبِيـلِ السَّابِـقِـينَ الأَوَّلِـينَ مِنَ المُهَاجِرِيــنَ وَالأَنْصَـارِ.

وَاتِّبَاعُ وَصِيَّـةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، حَيْثُ قَالَ: ‏«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ‏».

وَيَعْلَمُونَ: أَنَّ أَصْدَقَ الكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ.

فَيُؤْثِرُونَ: كَلَامَ اللَّهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ أَصْنَافِ النَّاسِ.

وَيُقَدِّمُونَ: هَدْيَ مُحَمَّدٍ ﷺ عَلَى هَدْيِ كُلِّ أَحَدٍ.

وَلِهَذَا سُمُّوا: أَهْلَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

وَسُمُّوا أَهْلَ الجَمَاعَـةِ؛ لِأَنَّ الجَمَاعَـةَ هِـيَ الاجْتِمَـاعُ. وَضِدُّهَا الفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ ‏«الجَمَاعَةِ‏» قَدْ صَارَ اسْماً لِنَفْسِ القَوْمِ المُجْتَمِعِينَ.

وَالإِجْمَاعُ: هُوَ الأَصْلُ الثَّالِثُ؛ الَّذِي يُعْتَمَدُ فِـي العِلْمِ وَالدِّيـنِ.

فَهُمْ يَـزِنُونَ بِـهَـذِهِ الأُصُـولِ الثَّـلَاثَـةِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَعْمَالٍ بَاطِنَـةٍ وَظَاهِرَةٍ، مِمَّا لَـهُ تَعَلُّـقٌ بِالدِّينِ.

وَالإِجْمَاعُ الَّذِي يَنْضَبِطُ: هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ؛ إِذْ بَعْدَهُمْ كَثُرَ الِاخْتِلَافُ، وَانْتَشَرَتِ الأُمَّةُ.

ثُمَّ هُمْ مَعَ هَذِهِ الأُصُولِ:

يَأْمُرُونَ: بِالمَعْرُوفِ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ، عَلَى مَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ.

وَيَرَوْنَ إِقَامَةَ: الحَجِّ، وَالجِهَادِ، وَالجُمَعِ، وَالأَعْيَادِ؛ مَعَ الأُمَرَاءِ؛ أَبْرَاراً كَانُوا، أَوْ فُجَّاراً.

وَيُحَافِظُونَ عَلَى: الجَمَاعَاتِ.

وَيَدِينُونَ: بِالنَّصِيحَةِ لِلْأُمَّةِ.

وَيَعْتَقِدُونَ: مَعْنَى قَوْلِهِ ﷺ: ‏«المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً‏» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.

وَقَوْلِـهِ ﷺ: ‏«مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ؛ مَثَلُ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ؛ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى‏».

وَيَأْمُرُونَ:

- بِالصَّبْرِ عَلَى البَلَاءِ.

- وَالشُّكْرِ عِنْدَ الرَّخَاءِ.

- وَالرِّضَا بِمُرِّ القَضَاءِ.

وَيَدْعُونَ إِلَى:

- مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ.

- وَمَحَاسِنِ الأَعْمَالِ.

وَيَعْـتَـقِـدُونَ: مَعْنَـى قَوْلِـهِ ﷺ: ‏«أَكْمَلُ المُؤْمِنِـينَ إِيمَاناً: أَحْسَنُـهُمْ خُلُقاً‏».

وَيَنْدُبُونَ إِلَى:

- أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ.

- وَتُعْطِـيَ مَنْ حَرَمَكَ.

- وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ.

وَيَأْمُرُونَ:

- بِـبِـرِّ الوَالِـدَيْـنِ.

- وَصِلَـةِ الأَرْحَامِ.

- وَحُسْنِ الجِوَارِ.

- وَالإِحْسَانِ إِلَى: اليَـتَامَى، وَالمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ.

- وَالرِّفْـقِ بِالمَمْلُوكِ.

وَيَنْهَوْنَ عَنِ:

- الفَخْـرِ، وَالخُـيَـلَاءِ.

- وَالبَغْيِ، وَالِاسْتِطَالَةِ عَلَى الخَلْقِ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَيَأْمُرُونَ: بِمَعَالِـي الأَخْـلَاقِ.

وَيَنْهَوْنَ عَنْ: سَفْسَافِهَا.

وَكُلُّ مَا يَقُولُونَهُ أَوْ يَفْعَلُونَهُ مِنْ هَذَا أَوْ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّمَا هُمْ فِيهِ مُتَّبِعُونَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّـةَ.

وَطَرِيقُـهُمْ: هُوَ دِينُ الإِسْلَامِ؛ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّداً ﷺ.

لَكِنْ لَمَّا أَخْبَـرَ النَّبِيُّ ﷺ: ‏«أَنَّ أُمَّتَـهُ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً؛ كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً؛ وَهِيَ الجَمَاعَةُ‏».

وَفِي حَدِيثٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ‏«هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ اليَوْمَ وَأَصْحَابِي‏».

صَارَ المُتَمَسِّكُونَ بِالإِسْلَامِ المَحْضِ الخَالِصِ عَنِ الشَّوْبِ هُمْ: أَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ.

وَفِيهِمُ: الصِّدِّيقُونَ، وَالشُّهَدَاءُ، وَالصَّالِحُونَ.

وَفِيهِمْ: أَعْلَامُ الهُدَى، وَمَصَابِيحُ الدُّجَى. أُولُوا المَنَاقِبِ المَأْثُورَةِ، وَالفَضَائِلِ المَذْكُورَةِ.

وَفِيهِمُ: الأَبْدَالُ -وَمِنْهُمْ: أَئِمَّةُ الدِّينِ؛ الَّذِينَ أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى هِدَايَتِهِمْ وَدِرَايَتِهِمْ-.

وَهُمُ الطَّائِـفَـةُ المَنْصُورَةُ، الَّتِـي قَـالَ فِيهِمُ النَّبِيُّ ﷺ: ‏«لَا تَـزَالُ طَائِـفَـةٌ مِنْ أُمَّتِـي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ؛ لَا يَـضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَـهُمْ، حَتَّى تَـقُومَ السَّاعَـةُ‏».

فَنَسْأَلُ اللَّهَ العَظِيمَ أَنْ يَجْعَلَـنَا مِنْـهُمْ.

وَأَلَّا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا، وَيَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً؛ إِنَّهُ هُوَ الوَهَّابُ.

وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ.

وَصَلَاتُـهُ عَلَى خَيْرِ خَلْقِـهِ مُحَمَّدٍ، وَآلِـهِ وَصَحْبِـهِ، وَسَلَامُـهُ.


  • متن العقيدة الواسطية
  • المستوى:6