moton-icon

المتون العلمية

«

المستوى الثاني

«

التوحيد

«

المتن الثاني

الأصول الثلاثة

وَأَدِلَّـتُــهَــــا

لِلْشَّيْخِ الْإِمَامِ الْمُجَدِّدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ

المُتَوَفَّى سَنَةَ ( 1206 هـ ) $

basmalah

اعْلَـمْ -رَحِمَكَ اللهُ- أَنَّـــهُ يَجِـبُ عَـلَـيْـنَـا تَعَلُّـمُ أَرْبَـعِ مَسَـائِـلَ:

الْأُولَى: الْعِلْمُ: وَهُوَ مَعْرِفَةُ اللهِ، وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّـهِ، وَمَعْرِفَـةُ دِينِ الإِسْلَامِ بِالأَدِلَّـةِ.

الثَّانِيَـةُ: الْعَمَلُ بِهِ.

الثَّالِثَـةُ: الدَّعْـوَةُ إِلَيْـهِ.

الرَّابِعَةُ: الصَّبْـرُ عَلَى الأَذَى فِيهِ. وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم ﴿ وَالْعَصْر * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْر * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر [سورة العصر].

قَالَ الشَّافِعِـيُّ $: «لَوْ مَا أَنْـزَلَ اللهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِهِ إِلَّا هَذِهِ السُّورَةَ لَكَفَتْهُمْ».

وَقَالَ البُخَـارِيُّ $: «بَابٌ: العِـلْـمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالْعَمَلِ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ [محمد:19]، فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ».

اعْلَمْ -رَحِمَكَ اللهُ- أَنَّهُ يَجِـــبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، تَعَلُّمُ ثَلَاثِ هَذِهِ المَسَائِـلِ، والْعَمَلُ بِـهِـنَّ:

الأُولَـى: أَنَّ اللهَ خَـلَقَـنَـا، وَرَزَقَـنَـا، وَلَـمْ يَتْرُكْنَا هَمَلاً، بَلْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولاً، فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّـةَ، وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلاً[المزمل:15-16].

الثَّانِيَـةُ: أَنَّ اللهَ لَا يَـرْضَى أَنْ يُـشْرَكَ مَعَـهُ أَحَدٌ فِي عِبَادَتِهِ، لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18].

الثَّالِثَةُ: أَنَّ مَنْ أَطَاعَ الرَّسُولَ، وَوَحَّدَ اللهَ، لَا يَجُوزُ لَهُ مُوَالَاةُ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَلَوْ كَانَ أَقْرَبَ قَرِيبٍ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُون[المجادلة:22].

اعْلَمْ -أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ-: أَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ، مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ. وَبِذَلِكَ أَمَرَ اللهُ جَمِيعَ النَّاسِ، وَخَلَقَهُمْ لَهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون[الذاريات:56].

وَمَعْنَى (يَعْبُدُونِ): يُوَحِّدُونِ.

وَأَعْظَمُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ: التَّوْحِيدُ، وَهُوَ: إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَـادَةِ.

وَأَعْظَمُ مَا نَهَى عَنْهُ: الشِّرْكُ، وَهُوَ: دَعْوَةُ غَيْرِهِ مَعَهُ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا [النساء:36].

* فَـإِذَا قِيـلَ لَكَ: مَـا الأُصُولُ الثَّـلَاثَـةُ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ مَعْرِفَـتُـهَا؟

فَقُلْ: مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ، وَدِينَهُ، وَنَبِيَّهُ مُحَمَّداً ﷺ.

[ الأَصْلُ الأَوَّلُ ]

فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّـكَ؟

فَقُلْ: رَبِّيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي، وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِيـنَ بِنِعَمِـهِ، وَهُوَ مَعْبُـودِي لَيْـسَ لِـي مَعْبُودٌ سِوَاهُ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين[الفاتحة:2].

وَكُـلُّ مَا سِوَى اللهِ عَالَمٌ، وَأَنَا وَاحِـدٌ مِنْ ذَلِكَ الْعَالَمِ.

فَإِذَا قِيلَ لَكَ: بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ؟

فَقُلْ: بِآيَـاتِـهِ وَمَخْلُوقَـاتِـهِ.

وَمِنْ آيَـاتِـهِ: اللَّيْـلُ، وَالنَّـهَارُ، وَالشَّمْـسُ، وَالْقَمَرُ.

وَمِنْ مَخْلُوقَاتِـهِ: السَّمَـوَاتُ السَّبْعُ، وَمَنْ فِيهِنَّ، وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ، وَمَنْ فِيهِنَّ، وَمَا بَيْنَـهُمَا.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُون[فصلت:37].

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِين [الأعراف:54].

وَالـرَّبُّ هُـوَ الْمَعْـبُــودُ، وَالـدَّلِيـلُ قَـوْلُـهُ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُون [البقرة:21- 22].

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ $: «الخَالِقُ لِهَذِهِ الأَشْيَـاءِ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَـادَةِ».

وَأَنْوَاعُ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا: مِثْلُ: الإِسْلَامِ، وَالإِيمَانِ، وَالإِحْسَانِ، وَمِنْهَا: الدُّعَاءُ، وَالْخَوْفُ، وَالرَّجَاءُ، وَالتَّوَكُّلُ، وَالرَّغْبَـةُ، وَالرَّهْبَـةُ، وَالْخُشُـوعُ، وَالْخَشْيَـةُ، وَالإِنَابَةُ، وَالِاسْتِعَانَةُ، وَالِاسْتِعَاذَةُ، وَالِاسْتِغَاثَـةُ، وَالذَّبْـحُ، وَالنَّـذْرُ، وَغَيْـرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا.

كُلُّهَا لِلَّهِ تَعَالَى، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[الجن:18].

فَمَـنْ صَـرَفَ مِنْهَـا شَيْئـاً لِغَيْـرِ اللهِ؛ فَهُـوَ مُشْـرِكٌ كَافِـرٌ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُون[المؤمنون:117].

وَفِي الْحَدِيثِ: «الدُّعَـاءُ مُـخُّ الْعِبَـادَةِ».

وَالدَّلِيـلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين [غافر:60].

وَدَلِيلُ الْخَوْفِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين [آل عمران:175].

وَدَلِيلُ الرَّجَاءِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110].

وَدَلِيلُ التَّـوَكُّلِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين [المـائـدة:23]، وَقَـوْلُـهُ: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3].

وَدَلِيلُ الرَّغْبَـةِ، وَالرَّهْبَـةِ، وَالْخُشُـوعِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين [الأنبياء:90].

وَدَلِيلُ الْخَشْيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي [البقرة:150].

وَدَلِيلُ الإِنَابَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ [الزمر:54].

وَدَلِيلُ الِاسْتِـعَـانَـةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين [الفاتحة:5]، وَفِي الْحَدِيثِ: «إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ».

وَدَلِيلُ الِاسْتِعَاذَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق[الفلق:1]، وَ: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس[الناس:1].

وَدَلِيلُ الِاسْتِغَاثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ [الأنفال:9].

وَدَلِيـلُ الذَّبْـحِ: قَوْلُـهُ تَعَـالَى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِين * لاَ شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:162-163]، وَمِنَ السُّنَّةِ: «لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ».

وَدَلِيلُ النَّذْرِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإنسان:7].

الأَصْـلُ الثَّـانِي

مَعْرِفَةُ دِينِ الإِسْلَامِ بِالأَدِلَّةِ، وَهُوَ: الِاسْتِسْـلَامُ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيـدِ، وَالِانْقِيَـادُ لَـهُ بِالطَّاعَةِ، وَالْبَـرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ.

وَهُوَ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ: الإِسْلَامُ، وَالإِيمَانُ، وَالإِحْسَانُ.

وَكُلُّ مَرْتَـبَـةٍ لَـهَا أَرْكَانٌ.

* فَأَرْكَانُ الإِسْلَامِ خَمْسَةٌ: شَهَادَةُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ.

فَدَلِيـلُ الشَّهَـادَةِ: قَوْلُـهُ تَعَـالَى: ﴿ شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم [آل عمران:18].

وَمَعْنَاهَا: لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللهُ.

(لَا إِلَهَ) نَافِياً جَمِيعَ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ.

(إِلَّا اللهُ) مُثْبِتاً الْعِبَادَةَ لِلَّهِ وَحْدَهُ.

لَا شَرِيكَ لَهُ فِي عِبَادَتِـهِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ.

وَتَفْسِيرُهَا الَّذِي يُوَضِّحُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُون * إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي [الزخرف:26-27]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون[آل عمران:64].

وَدِليلُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم [التوبة:128].

وَمَعْنَى شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ: طَاعَتُـهُ فِيمَـا أَمَـرَ، وَتَصْدِيقُـهُ فِيمَا أَخْـبَـرَ، واجْتِنَابُ مَا عَنْهُ نَهَى وَزَجَرَ، وَأَلَّا يُعْبَدَ اللهُ إِلَّا بِمَا شَرَعَ.

وَدَلِيلُ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَتَفْسِيرِ التَّوْحِـيدِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة [البينة:5].

ودَلِيـلُ الصِّيَــامِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون [البقرة:183].

ودَلِيـلُ الْحَـجِّ: قَوْلُـهُ تَعَـالَى: ﴿ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين [آل عمران:97].

* الْمَرْتَـبَةُ الثَّـانِـيَةُ: الإِيمَـانُ، وَهُوَ بِضْـعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَـةً، أَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَـةٌ مِنَ الإِيمَانِ.

وَأَرْكَـانُــهُ سِـتَّـــةٌ: أَنْ تُـؤْمِـنَ بِـاللَّـهِ، وَمَلَائِكَتِـهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِـهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَالْقَـدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ.

وَالدَّلِيـلُ عَلَى هَـذِهِ الأَرْكَـانِ السِّتَّـةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة:177].

وَدَلِيلُ القَدَرِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر [القمر:49].

* الْمَرْتَـبَةُ الثَّـالِــثَةُ: الإِحْـسَـــانُ -رُكْـنٌ وَاحِدٌ-وَهُوَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ.

وَالدَّلِيـلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُون[النحل:128].

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيم * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُوم * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِين [الشعراء:217-219].

وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ [يونس:61].

وَالدَّلِـيـلُ مِنَ السُّـنَّـةِ: حَـدِيـثُ جِبْـرِيـلَ الْمَشْـهُورُ: عَنْ عُمَـرَ -رضي الله عنه- قَالَ: «بَيْنَـمَـا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَـعَ عَلَيْـنَا رَجُـلٌ، شَدِيدُ بَـيَاضِ الثِّـيَـابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَـأَسْـنـَدَ رُكْـبَـتَـيْـهِ إِلَى رُكْبَـتَـيْـهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ،

وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلَامِ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَـانَ، وَتَحُـجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً».

قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَـا لَـهُ، يَسْأَلُهُ وَيُـصَدِّقُـهُ.

قَالَ: فَـأَخْبِرْنِـي عَنِ الإِيمَانِ؟

قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُـتُـبِـهِ، وَرُسُـلِهِ، وَالْيَـوْمِ الآخِـرِ، وَتُؤْمِـنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ». قَالَ: صَدَقْتَ.

قَالَ: أَخْبِرْنِـي عَنِ الإِحْسَانِ؟

قَالَ: «أَنْ تَعْبُـدَ اللهَ كَأَنَّـــكَ تَـرَاهُ، فَـإِنْ لَمْ تَكُنْ تَـرَاهُ فَإِنَّـهُ يَـرَاكَ».

قَالَ: فَـأَخْبِرْنِـي عَنِ السَّاعَةِ؟

قَـالَ: «مَـا الْمَسْـؤُولُ عَنْـهَـا بِأَعْـلَـمَ مِـنَ السَّائِــلِ».

قَالَ: فَأَخْبِرْنِـي عَنْ أَمَارَاتِهَا؟

قَالَ: «أَنْ تَـلِدَ الأَمَةُ رَبَّـتَـهَـا، وَأَنْ تَـرَى الْحُفَاةَ الْعُـرَاةَ الْعَالَةَ رِعَـاءَ الشَّـاءِ يَتَطَـاوَلُونَ فِـي الـبُـنْـيَـانِ».

قَالَ: ثُـمَّ انْطَـلَـقَ فَلَبِثْـتُ مَلِيّـاً، ثُـمَّ قَــالَ لِـي: «يَـا عُمَـرُ! أَتَدْرِي مَنِ السَّائِـِلُ؟» قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُـهُ أَعْلَمُ، قَـالَ: «فَإِنَّـهُ جِبْرِيـلُ، أَتَـاكُـمْ يُعَلِّمُكُـمْ دِينَـكُمْ».

الأَصْلُ الثَّالِثُ

مَعْرِفَةُ نَبِيِّـكُمْ مُحَمَّـدٍ ﷺ، وَهُوَ مُحَمَّـدُ بْنُ عَبْـدِ اللهِ بْنِ عَبْـدِ الْمُطَّلِـبِ بْنِ هَاشِـمٍ، وَهَاشِـمٌ مِنْ قُرَيْـشٍ، وَقُـرَيْشٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ-.

وَلَهُ مِنَ العُمُرِ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، مِنْهَا أَرْبَعُونَ قَبْلَ النُّـبُـوَّةِ، وَثَـــلَاثٌ وَعِشْرُونَ نَبِيّـاً رَسُولاً.

نُـبِّـئَ بِـ(اقْـرَأْ)، وَأُرْسِـلَ بِـ(الْمُـدَّثِّـرِ)، وَبَـلَـدُهُ مَكَّــةُ.

بَعَثَهُ اللهُ بِالنِّذَارَةِ عَنِ الشِّرْكِ، وَيَدْعُو إِلَى التَّوْحِيـدِ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّر * قُمْ فَأَنذِر * وَرَبَّكَ فَكَبِّر * وَثِيَابَكَ فَطَهِّر * وَالرُّجْزَ فَاهْجُر * وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِر * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِر[المدثر:1-7].

وَمَعْنَى: ﴿ قُمْ فَأَنذِر ﴾ : يُنْذِرُ عَنِ الشِّرْكِ، وَيَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ.

﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّر ﴾ : أَيْ: عَظِّمْهُ بِالتَّوْحِيدِ.

﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّر ﴾ : أَيْ: طَهِّرْ أَعْمَالَكَ عَنِ الشِّرْكِ.

﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُر ﴾ : الـرُّجْــزُ: الأَصْـنَـامُ. وَهَجْرُهَا: تَرْكُهَا، وَالْبَـرَاءَةُ مِنْهَا وَأَهْلِهَا.

أَخَذَ عَلَى هَذَا عَشْـرَ سِنِـيـنَ يَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ، وَبَعْدَ الْعَشْرِ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَفُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَصَلَّى فِي مَكَّةَ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَبَعْدَهَا أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَـةِ.

وَالْهِجْرَةُ: الِانْتِقَالُ مِنْ بَلَدِ الشِّـرْكِ إِلَى بَلَدِ الإِسْلَامِ.<

وَالْهِجْرَةُ فَرِيضَةٌ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ بَلَدِ الشِّرْكِ إِلَى بَـلَدِ الإِسْلَامِ، وَهِيَ بَاقِيَـةٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا * إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلا * فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء:97-99].

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُون [العنكبوت:56].

قَالَ الْبَغَوِيُّ $: «سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَـةِ: فِي المُسْـلِـمِـينَ الَّذِينَ بِمَـكَّـةَ لَمْ يُهَاجِرُوا، نَادَاهُمُ اللهُ بِاسْمِ الإِيمَانِ».

وَالدَّلِيلُ عَلَى الْهِجْـرَةِ مِنَ السُّـنَّـةِ: قَوْلُـهُ ﷺ: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَـةُ، وَلَا تَنْقَطِـعُ التَّوْبَـةُ حَتَّى تَطْلُـعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».

فَلَمَّا اسْتَقَـرَّ بِالْمَدِينَـةِ، أُمِرَ بِبَـقِـيَّـةِ شَرَائِعِ الإِسْلَامِ، مِثْلُ: الزَّكَاةِ، وَالصَّـوْمِ، وَالْحَجِّ، وَالأَذَانِ، وَالْجِهَـادِ، وَالأَمْـرِ بِالْمَعْـرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْـكَرِ، أَخَـذَ عَلَى هَـذَا عَشْـرَ سِنِـينَ.

وَتُـوُفِّـيَ ﷺ وَدِينُـهُ بَـاقٍ، وَهَـذَا دِينُـهُ، لَا خَيْـرَ إِلَّا دَلَّ الأُمَّـةَ عَلَيْـهِ، وَلَا شَرَّ إِلَّا حَذَّرَهَا مِنْـهُ.

وَالْخَـيْــرُ الَّذِي دَلَّهَـا عَلَيْهِ: التَّوْحِــيـدُ، وَجَمِيعُ مَا يُحِبُّـهُ اللهُ وَيَـرْضَاهُ.

وَالشَّـرُّ الَّذِي حَـذَّرَهَـا مِنْـهُ: الشِّـرْكُ، وَجَمِيـعُ مَا يَكْـرَهُـهُ اللهُ وَيَأْبَــــاهُ.

بَعَثَـهُ اللهُ إِلَى النَّـاسِ كَافَّـةً، وَافْتَـرَضَ طَاعَـتَـهُ عَلَى جَمِـيـعِ الـثَّـقَـلَـيْـنِ: الْجِـنِّ وَالإِنْسِ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:158].

وَأَكْمَلَ اللهُ بِهِ الدِّينَ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا[المائدة: 3].

وَالدَّلِـيـلُ عَلَى مَـوْتِهِ ﷺ قَـوْلُــهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُون * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُون [الزمر:30-31].

وَالنَّـاسُ إِذَا مَـاتُواْ يُبْعَـثُونَ؛ وَالدَّلِيـلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه:55].

وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا [نوح:17-18].

وَبَعْـدَ الْبَعْـثِ مُحَاسَبُـونَ وَمَجْزِيُّـونَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى[النَّجم:31].

وَمَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ كَفَرَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُـهُ تَعَـالَى: ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير [التغابن:7].

وَأَرْسَلَ اللهُ جَمِيعَ الرُّسُلِ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ[النساء:165].

وَأَوَّلُهُمْ نُوحٌ -عليه السلام-.

وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ ﷺ، وَهُوَ خَـاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ[الأحزاب:40].

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُمْ نُوحٌ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ [النساء:163].

وَكُلُّ أُمَّةٍ بَعَثَ اللهُ إِلَيْهِا رَسُولاً -مِنْ نُوحٍ إِلَـى مُحَمَّـدٍ- يَأْمُرُهُـــمْ بِعِـبَـادَةِ اللهِ وَحْـدَهُ، وَيَنْـهَاهُـمْ عَنْ عِبَـادَةِ الطَّاغُـوتِ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36].

وَافْتَـرَضَ اللهُ عَلَى جَـمِيعِ الْعِبَـادِ: الْكُفْـرَ بِالطَّاغُوتِ وَالإِيمَانَ بِاللهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ $: «مَعْنَى الطَّاغُوتِ: مَا تَجَاوَزَ بِهِ الْعَبْدُ حَدَّهُ مِنْ مَعْبُودٍ أَوْ مَتْـبُوعٍ أَوْ مُطَاعٍ».

وَالطَّوَاغِيتُ كَثِيرَةٌ، وَرُؤُوسُهُمْ خَمْسَةٌ: إِبْلِيسُ -لَعَنَهُ اللهُ-، وَمَنْ عُبِدَ وَهُوَ رَاضٍ، وَمَنْ دَعَا النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ نَفْسِهِ، وَمَنِ ادَّعَى شَيْـئاً مِنْ عِلْمِ الْغَيْـبِ، وَمَنْ حَكَـمَ بِغَيْـرِ مَـا أَنْــزَلَ اللهُ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم[البقرة:265].

وَهَذَا مَعْنَى (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ).

وَفِي الْحَدِيثِ: «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَـامِهِ الْجِهَـادُ فِـي سَبِيلِ اللهِ».

وَاللَّـهُ أَعلَمُ.


  • الأصول الثلاثة
  • المستوى:2